ويقع في أربعة فصول قصار، لا تزيد أسطرها على مائة، وتحتوي قصة يشمل جانب منها دستورا وضع للمرأة، وقانونا سن لضبط قواعد الميراث؛ ولكن ذلك الجانب من القصة لا يهم الأدب كثيرا، وإنما يهمه منها ما فيها من عاطفة مرهفة عميقة.
فتروي القصة أن إسرائيليا ضاقت به الحال في بلاده، فدخل هو وامرأته «نعمى» إلى بلاد مؤاب، ورزق فيها بابنين تزوجا مؤابيتين، إحداهما راعوث هذه، ومات الرجل ومات ابناه.
وأرادت «نعمى» أن تعود إلى وطنها، فتعلقت بها راعوث وأرادت السفر معها وألحت، على الرغم من إلحاح «نعمى» عليها بالبقاء.
فقالت راعوث قولتها المشهورة: «حتما أن أموت حيث تموتين، وأدفن حيث تدفنين، شعبك شعبي، وإلهك إلهي؛ محال أن يفرق بيني وبينك إلا الموت».
ففي القصة قلبان لامرأتين يفيضان بعاطفتين قويتين تعزان على التحليل - وهذا هو ما جعل القصة معروفة للعالم - عاطفة الحنين للوطن، وعاطفة الوفاء، وهما عاطفتان ينبض بهما قلب كل إنسان.
وهناك أسفار أربعة تسمى أسفار «الملوك»، تروي قصة الدولة اليهودية إبان مجدها، لكن بني إسرائيل في مجدهم ضلوا سواء السبيل، فتغافلوا عن ذكر الله، فكان جزاؤهم بعد ذلك المجد عذابا وهزيمة وأسرا. وإن هذه الكتب الأربعة لتؤلف ملحمة من الطراز الأول، متينة البناء، قوية التركيب، ولا بد أن تكون قد صادفها شاعر عظيم مسها بخياله ونبوغه، بل ربما تناولها على مر الأيام أكثر من شاعر واحد بالصياغة والتجويد؛ إذ الملاحم الكبرى تنمو مع الزمن على أيدي الشعراء، وقلما تكون الملحمة الكبرى وليدة عقل واحد.
وهاك موجزا للقصة: فصموئيل، وهو المتحمس لدينه، الباسل المغامر في قتاله، يجاهد جهاد الأبطال ليقهر الأعداء، داخل ملكه وخارجه على السواء، ولكن الشيخوخة تدب إليه فيصير الأمر إلى بنيه، وفيهم ما فيهم من ضعف وفساد؛ عندئذ يستنجد القوم بشاءول،
11
لكن شاءول لم يخلقه الله للقتال فينتهي أمره إلى خضوع، وينبذه القوم نبذ النواة، فيعقبه ابنه يوناثان،
12
صفحة غير معروفة