فكم رأي وكم عرف من عادات وأفكار وأنماط،
وكم لاقى في لجة البحر من أحزان،
لشد ما كافح المهالك لينجو
بنفسه وبصحبه في الطريق إلى الوطن،
لكن حطمت صحبه الأقدار، ولم يستطع لها دفعا.
اجتمع الآلهة ودبروا أن يعود يوليسيز إلى وطنه، وبعثوا بالإله «هرمس» - رسول الآلهة - ينبئ كالبسو بهذا القرار. وفي الوقت نفسه بدت منيرفا متنكرة أمام تلماكس، وأشارت عليه أن يستطلع أخبار أبيه من صديقي أبيه: نسطور ومنلاوس.
فأرسل تلماكس في اليوم التالي منادين بجوسون خلال المدينة ليطلبوا إلى الناس أن يعقدوا جمعا يسمعون فيه شكاة تلماكس من خاطبي أمه الذين أحرجوه غاية الحرج، وأرسلت بنلوب إلى هؤلاء الخاطبين تماطلهم وتخادعهم، ولبثت أربعة أعوام تزعم لهم أنها تغزل رداء لأبي زوجها، وظلت تغزل في النهار وتنقض في الليل غزلها.
وتنكرت منيرفا في هيئة جديدة، وهيأت لتلماكس سفينة أقلع بها إلى «بيلوس» ليلتقي بصديق أبيه «نسطور» عسى أن يعلم منه شيئا عن أبيه؛ فعلم منه نبأ الفتك بأجاممنون - وهو أخو نسطور - لكنه لم يسمع شيئا عن غيبة أبيه. ونصح «نسطور» «تلماكس» أن يقصد إلى منلاوس في أسبرطة لعله يعلم عن أبيه شيئا، وذهب الفتى إلى أسبرطة، وهناك التقى ب «هلن» فعرفته وذكرته، وأخذ أصدقاؤه يبكون أياما جميلة مضت، ثم أخذ منلاوس يقص على السامعين كيف جيء بالحصان الخشبي في طروادة يحمل في جوفه أبطال الإغريق، وكيف أخذت هلن تدور حوله وتقرعه بكفها وتنادي أبطال اليونان واحدا فواحدا، وتقلد لكل واحد منهم صوت زوجته حتى تستفزه للجواب، وكانت في تقليد الأصوات بارعة حتى كاد الأبطال المختبئون في جوف الحصان يلبون النداء، لولا أن رأوا في زميلهم يوليسيز رباطة جأش كانت لهم جميعا شكيمة رادعة. ثم أنبأ «منلاوس» «تلماكس» أنه شهد أباه في الجزيرة المنعزلة التي تسكنها عروس البحر «كالبسو».
لقد شهدت ابن ليرتيز
76
صفحة غير معروفة