قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)

زكي نجيب محمود ت. 1414 هجري
106

قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)

تصانيف

قد ملأت معداتها في نهم حتى أتخمت؟!

لو رأيت هذي الذئاب، فقد رأيت رجال أخيل العظيم قوة ومظهرا

حين دعاهم الداعي لهذا القتال المخيف ...

نزل «باتروكلس» المعمعة متشحا بدرع أخيل. فلما رآه الطرواديون ظنوه أخيل وفروا هاربين، لكن «أبولو»، الذي كان هواه مع الطرواديين منذ استبى قائد الإغريق ابنة كاهنه، نزع عن باتروكلس عدته ليكشف للطرواديين عن حقيقته، فهجم عليه طروادي من الخلف فأسقطه، وأسرع إليه هكتور وأرداه قتيلا؛ وهنا هب من أبطال الإغريق «أجاكس» و«منلاوس» ينقذان جثة البطل الصريع، وفر هكتور، بعد أن انتزع من باتروكلس عدته، وها هنا نقطة التحول في حوادث هذه المأساة الكبرى التي أثارت آلهة السماء وأهل الأرض على السواء. فلما جاء النبأ إلى أخيل بموت صديقه الحميم، غضب غضبة جبارة ارتفعت بها الملحمة إلى أسمى مراتب الشعور؛ فلم تكن غضبة أخيل الأولى - من أجل فتاة أسيرة - جديرة بمأساة عظيمة كالإلياذة، لكنها هذه الغضبة الثانية هي الخليقة بالبطولة.

فهذا هو أخيل يثور كالليث الهائج، غاضبا حزينا على موت أعز أصدقائه «باتروكلس»، ويحز في نفسه ويلطخ صفحة شرفه أن تؤخذ دروعه، فذلك عار لا يحتمله محارب حر كريم. وسمعت أمه ثيتس أنينه وشكواه، فجاءت إليه مسرعة من جوف البحر - فهي من عرائس البحر - تنذره ألا ينازل الأعداء حتى تذهب إلى «فلكان»

68

إله النار وتطلب أن يعد لابنها درعا جديدة، لكنه لم يستمع لنصح أمه، واستجاب لدعوة الإلهة «إيريس» فنهض من فوره إلى حومة الوغى.

ودنا من سور المدينة، وأرسل الصوت داويا

وردد الصوت الصدى، فرن الدوي قويا عاليا

وسمع الصوت الداوي فدب الرعب في النفوس دبيبا

صفحة غير معروفة