بطنه تطلق ضجيجها المزعج مجددا، تحذره ألا يفكر في التراجع، قال متوسلا: «ما عندي غيرها.»
نظر له البائع في ضيق، بدا وكأنه يقوم بحسبة سريعة في ذهنه، قال بصوت جاف: «نصف سندويتش فقط.»
هز رأسه موافقا في سرعة، وبدا فمه المتلهف يعج بلعاب الاشتهاء، رائحة الدخان تتصاعد وتغمر أنفه، ومعها تتلوى أمعاؤه، وتصدر صوت قرقرتها المبتهج بذا الانتصار.
في تلهف وانبهار يرمق رجل الشواء يخرج اللحم المترادف من على السيخ المحمي، يشق الخبز بسرعة ومهارة، يصنع نصف شطيرة، يضيف إليها بعض الطماطم والملح والليمون.
عندما عاد لمكانه السابق تحت الشجرة، والعبارات التي تحذر من التبول في الأماكن العامة، كان الليل قد أسدل أستاره، وكان ضجيج بطنه قد صمت أخيرا.
بضعة أطفال في مثل عمره يلتحفون الأرض في ذات الموضع، على بعض الكرتون المقوى، يخلدون للنوم من وعثاء يوم مرهق، يعرفهم جميعا.
وضع حقيبته القماشيه على الأرض، أخرج كتيب حصن المسلم، تأمله للحظات مبتسما.
نظر للسماء الصافية التي تبدت بين أغصان الشجرة المتشابكة.
نظرة ممتنة.
خاطر جميل مر على ذهنه، فاتسعت له ابتسامته أكثر.
صفحة غير معروفة