قال، وكأنه قرأ أفكاري: «أنت تحلم الآن، لكنه ليس حلما مختلقا، وبرغم أن جسدك يربض في فراشه بعيدا عن هنا فإن هذا اللقاء حقيقي، لكنه في بعد آخر غير بعدك الأرضي، تلك هي الوسيلة الوحيدة التي أستطيع بها التواصل معك، فقط عبر العالم الأثيري، أما في واقعك المادي فليس لي وجود.»
سألته بذات التوتر: «ما الذي سيحدث الآن؟»
قال وهو يهز كتفيه ببساطه: «ستوافق على بيع روحك، أشياء بسيطة، مجرد شكليات!» - «ماذا تعني؟!» - «أعني أننا سنبرم عقدا، تماما كما يفعل المتعاقدون في عالمك!»
قلت وقد بدأت أشعر بالمأزق الذي قدت نفسي إليه: «تقصد أبيعك روحي مثل فاوست!» - «شيء من هذا القبيل!» - «استحضرتك بشفرة الكتاب، ألا يكفي هذا؟!»
ضحك برقة حتى أشرق وجهه ووضع يده على كتفي، وكأنه صديق قديم سمع للتو خاطرة مضحكة من صديقه المقرب، ومن القرب بدت ملامحه أكثر جمالا، لا توجد امرأة على وجه الأرض يمكن أن تقاوم سحر هذا الرجل، ربما لا يوجد رجل يمكن أن يقاومه كذلك!
قال وهو يمسح على زجاج نظارة ظهرت بين يديه فجأة: «عبارات النداء الغرض منها استحضاري فقط، أما التعاون فشيء آخر، لا بد لك من أن توافق على خدماتي.»
ثم نظر لي باسما وأضاف: «أنت استحضرتني بإرادتك الكاملة، وأجهدت نفسك حتى توصلت إلى شفرة الكتاب، لا أفهم سبب تخوفك الآن!»
من قال إن الشياطين يفتقدون حس المنطق!
سألته في تبرم لا داعي له: «حسن أين سأوقع؟»
ضحك مجددا، ثم ارتدى النظارة الطبية «أنت مضحك حقا يا صديقي!» قالها من بين ضحكاته ، ثم فرقع بأصابعه فظهر كرسي من العدم جواري، أشار لي بالجلوس فجلست صامتا، وكأحد حواة برامج المواهب الأجنبية، فرقع بأصابعه مجددا فظهرت شمعة متقدة قدمها لي وطلب مني أن أمسكها بكلتا يدي في حرص، ثم أشار للأرض فارتسمت دائرة ضخمة على الرمال حولي، وفي منتصفها نجمة داءود المميزة، كنت أنا في منتصفها.
صفحة غير معروفة