الأوراق من جلد الحيوانات المدبوغ، والخط متعرج يصعب قراءته، خط كوفي متشابك من النوع الذي يميز المخطوطات القديمة، هناك تعليقات على الهوامش بها بعض آيات القرآن الكريم، وتركيبات جمل غريبة مثل «بطح، نويا، جبم»، آيات قرآنية كتبت عكسيا، وجملة تتكرر بإصرار غريب في هوامش الكتاب «افهم ترشد»، «افهم ترشد».
هناك رموز غريبة، ورسومات متكررة لمربعات متداخلة، بداخلها حروف متقطعة عربية وعبرية وحروف أخرى لم أعرفها، تبدو كالتالي:
يمكنك أن تفهم مدى حيرتي ورعبي يا حضرة المحقق، فما بين يدي كان أخطر الكتب على الإطلاق وأسوأها سيرة، كل من حاز على الكتاب انتهى نهاية بشعة يشيب لها شعر رأسك، بعضهم انتحر، وبعضهم وجد مقتولا على طريقة العصور الوسطى، كسر الرقبة وتدوير الوجه للخلف ... هناك بضع روايات متداولة عن السير «فيتزجيرالد»، أحد النبلاء الإنجليز في القرن الثامن عشر، قيل إنه قد اشترى الكتاب من مزاد سري بمبلغ فلكي من أحد العرب، وقد رآه بعض الشهود في آخر ظهور له، يتصارع مع كائن شيطاني مخيف قبل أن يختفي بلا أثر على الإطلاق. لا توجد جثة، ولا أشلاء، ولا أي شيء يشير إلى مقتله، فقط تلاشى كأن لم يكن!
هذه النسخة ظلت تنتقل سرا بين الأيدي عبر مئات السنين حتى وصلت إلي أنا بالذات!
فكيف وصلت إلى مكتبتي؟ ومتى؟
لا أذكر أنني قد اشتريته أو تحصلت عليه بأي طريقة من الطرق، نحن لا نتحدث عن كتاب أسرار الطبخ أو تعلم الإنجليزية بدون معلم في ثلاثة أيام، كتاب كهذا لا يمكنك أن تنسى كيفية حصولك عليه!
أغلقت الكتاب بيدين مرتجفتين وقد قررت على الفور ما علي فعله، سأحرق الكتاب!
أعرف جيدا ما حدث لكل من تحصل عليه وتعامل معه، لست بهذا الحمق، لا أرغب في الموت الآن، وبالتأكيد لا أريد لشيطان ما أن يهشم رأسي ويلوي رقبتي للخلف بطريقة القرون الوسطى، ستكون نهايتي في مستشفى حكومي ضعيف الإمكانيات، أسعل قليلا وأطلب كوب ماء، ثم أغمغم شيئا ما لا يفهمه أحد، وأموت بأناقة!
اتجهت للمطبخ ووضعت الكتاب في أحد أواني الطبخ، ملمس الكتاب غريب يثير التقزز، نحن نتحدث عن جلد حيواني مدبوغ، قال البعض إنه جلد بشر حقيقي لكنني لا أرجح هذا الاحتمال، لا بد أنه من الأساطير التي أحاطت بالكتاب، أشعلت ثقابا ورميته، وراقبت الشعلة الزرقاء الجميلة؛ إذ تتوهج وتبدأ في التهام الكتاب الشيطاني، رائحة مزعجة فاحت مع الدخان المتصاعد، رائحة شواء كريهة تعبق بسحر القرون الوسطى، إن كنت تفهم ما أعنيه.
هل هذا صوت صراخ؟!
صفحة غير معروفة