فقال شربونيل: أي عار تماما!
ولما استقر قرارها قالت: انظر إلي ... يجب أن أرى هذا الرجل بهذه الهيئة من أجل فرنسوا؛ فالبارحة عندما ظهر في الملعب وهو متشح بالسواد أثر ذلك في قلبي وصدمني صدمة قاسية ... وشعرت بالطفل يتحرك، وكأنه غير مرتاح ... ومن ذلك الوقت وأنا أرى أمامي دائما شبحا أسود يتشح بلباس أسود كلباس البحر، فإذا لم تجبني إلى ما أطلب سيكون لك ابن أسود زنجي، بل أسود من زنجي! مع أني أرى أن المسيو جمز جمز مثل الرجال الآخرين أبيض الوجه، جميل الشكل ... والآن! إن فرانسوا سيكون طفلا جميلا أبيض الوجه مثله، وهذا كل ما في الأمر!
وعبثا عارض شربونيل، وعبثا حاول أن يؤثر على امرأته ويجعلها تعتقد أنها تطلب أمرا إدا مخالفا للصواب، وأنه حتى إذا وافق هو - شربونيل - فإنه يجب الحصول فوق هذا على موافقة جمز جمز نفسه الذي سيظن أنه يحادث بعض المجانين عندما يطلب منه أن يظهر عاري الجسد أمام سيدة!
عبثا ثار شربونيل، وعبثا حاول أن يرجع كليمنس إلى صوابها، وعبثا هددها؛ فقد كانت مصرة على الوصول إلى غرضها، وكانت تكرر دائما: أريد أن أرى هذا الرجل وهو عار!
وانتهى بها الأمر أن أصابتها نوبة عصبية، فكانت تصيح وتبكي وتهذي أحيانا، ولم يجد تاجر الشمبانيا وسيلة لتهدئتها غير أن يعدها بما تطلب، وعندئذ نامت من فرط تعبها.
وكان شربونيل يأمل أن تكون رغبتها هذه قد انتهت في الغد، ولكن لم تكد كليمنس تستيقظ حتى قالت بسكون: أنت تعلم أنك وعدتني ... ستذهب عند مسيو جمز جمز في الحال، وإلا فسوف أصاب بنوبة بعد ظهر اليوم وألد طفلا ميتا. كذا!
ولم يقاوم شربونيل، فلبس ملابسه وتزين، وشيعته هي بهذه الوصية: أسرع! لن أقدم لك طعام الإفطار إذا لم تأتني معك بالجواب عند رجوعك.
ورجع بعد ساعة، وكانت كليمنس تنتظره عند الباب، فقالت له: ما وراءك؟
فقال الزوج: أصغ إلي، إني لم أذهب عند هذا المدعو جمز جمز، فإنه بلا ريب كان يطردني شر طردة، ولكني ذهبت عند الدكتور تييرسلين في عيادته التي يعالج فيها المرضى بواسطة الماء البارد، واستشرته في حالتك، وهو يعرفك حق المعرفة، وقد أخبرني حقا أنه من الخطر معارضتك في حالتك هذه.
فقالت كليمنس: ها قد رأيت صحة حديثي! - لا تقاطعيني؛ فإنه بالرغم من حسن قصدنا كان يجب أن يرفض طلبك، لولا مصادفة غريبة أرسلها الله؛ فإنك تعرفين أني لم أكن لأوافق بالمرة أن يعرف هذا الرجل جمز جمز برغبتك. أما المصادفة الربانية فهي أن جمز جمز يأخذ حماما بالماء البارد كل صباح حوالي الساعة العاشرة عند الدكتور تييرسلين، وهو الذي يعطيه هذا الحمام، وعلى ذلك سنذهب غدا أنا وأنت إلى عيادة المعالجة بالماء البارد قبل الساعة العاشرة، وسيخبئك تييرسلين بالقرب من الحمام في حجرة داخلية غير ظاهرة يخفيها ستار ويفتح أحد أبوابها إلى مكتب الدكتور، فيمكنك أن تزيحي الستار لتتفرجي على كل ما تريدين رؤيته، والآن إذا كان الأمر لا يهمك فإننا سنكف الحديث حول هذه الحماقة ...
صفحة غير معروفة