83

قصص الأنبياء

محقق

مصطفى عبد الواحد

الناشر

مطبعة دار التأليف

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٨٨ هجري

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التاريخ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَرَّ بِآدَمَ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ لَهُ مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قَالَ: وَإِذَا عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ (١) وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ عَنْ شِمَالِهِ بَكَى فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ هَذَا آدَمُ وَهَؤُلَاءِ نَسَمُ (٢) بَنِيهِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ أَهْلِ الْيَمِينِ - وَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ - ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ أَهْلِ الشِّمَالِ - وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ - بَكَى. وَهَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمثنى، حَدَّثَنى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عَقْلُ آدَمَ مِثْلَ عَقْلِ جَمِيعِ وَلَدِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ ﷺ: " فَمَرَرْتُ بِيُوسُفَ وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ " قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حُسْنِ آدَمَ ﵇. وَهَذَا مُنَاسِبٌ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَصَوَّرَهُ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، فَمَا كَانَ لِيَخْلُقَ إِلَّا أَحْسَنَ الاشباه. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْن عمر أَيْضًا مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْجَنَّةَ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبَّنَا اجْعَلْ لَنَا هَذِهِ، فَإِنَّكَ خَلَقْتَ لِبَنِي آدَمَ الدُّنْيَا يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَجْعَلُ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدِيَّ كَمَنَ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَكَانَ. وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صورته " وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَرُوا فِيهِ مَسَالِكَ كَثِيرَةً لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا. وَالله أعلم.

(١) الاسودة يكنى بهَا عَن الشَّخْص (٢) النسم: جمع نسمَة، وهى الرّوح (*)

1 / 66