قصص الأنبياء

ابن كثير ت. 774 هجري
37

قصص الأنبياء

محقق

مصطفى عبد الواحد

الناشر

مطبعة دار التأليف

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٨٨ هـ - ١٩٦٨ م

مكان النشر

القاهرة

قَالُوا: وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُنْكِرُ وُجُودَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ [الْيَوْمَ] (١) وَلَا تلازم بَينهمَا، فَكل من حكى عمنه هَذَا الْقَوْلُ مِنَ السَّلَفِ وَأَكْثَرِ (٢) الْخَلَفِ، مِمَّنْ يُثْبِتُ وُجُودَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ الْيَوْمَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَات والاحاديث الصِّحَاح. وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا " أَيْ عَنِ الْجَنَّةِ " فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ " أَيْ مِنَ النَّعِيمِ وَالنَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ إِلَى دَارِ التَّعَبِ وَالْكَدِّ وَالنَّكَدِ، وَذَلِكَ بِمَا وَسْوَسَ لَهُمَا وَزَيَّنَهُ فِي صُدُورِهِمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: " فَوَسْوَسَ لَهما الشَّيْطَان ليبدى لَهما ماوورى عَنْهُمَا من سوآتهما، وَقَالَ مانها كَمَا ركما عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَو تَكُونَا من الخالدين " [يَقُول: مانها كَمَا عَنْ أَكْلِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنَّ تَكُونَا ملكَيْنِ أَو تَكُونَا من الخالدين (٣)]، أَي لَو أكلتما مِنْهَا لصرتما كَذَلِك. " وقاسمهما " أَيْ حَلَفَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ " إِنِّي لَكُمَا لمن الناصحين "، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: " فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ، قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَة الْخلد وَملك لايبلى؟ ": أَيْ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي إِذَا أَكَلْتَ مِنْهَا حَصَلَ لَكَ الْخُلْدُ فِيمَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَاسْتَمْرَرْتَ فِي مُلْكٍ لَا يَبِيدُ وَلَا يَنْقَضِي؟ وَهَذَا مِنَ التَّغْرِيرِ وَالتَّزْوِيرِ وَالْإِخْبَارِ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قَوْلَهُ شَجَرَةِ الْخلد الَّتِي إِذَا أَكَلْتَ مِنْهَا خَلَّدْتَ، وَقَدْ تَكُونُ هِيَ الشَّجَرَةُ الَّتِي قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَة،

(١) لَيست فِي ا (٢) ا: وَأَكْثَرهم (٣) لَيست فِي ا (*)

1 / 20