112

قصص الأنبياء

محقق

مصطفى عبد الواحد

الناشر

مطبعة دار التأليف

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٨٨ هجري

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التاريخ
" وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قومه سخروا مِنْهُ " أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ اسْتِبْعَادًا لِوُقُوعِ مَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ، " قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُم كَمَا تسخرون " أَيْ نَحْنُ الَّذِينَ نَسْخَرُ مِنْكُمْ وَنَتَعَجَّبُ مِنْكُمْ فِي اسْتِمْرَارِكُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ وَعِنَادِكُمُ الَّذِي يَقْتَضِي وُقُوعَ الْعَذَابِ بِكُمْ وَحُلُولَهُ عَلَيْكُمْ.
" فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقيم ".
وَقَدْ كَانَتْ سَجَايَاهُمُ الْكُفْرَ الْغَلِيظَ وَالْعِنَادَ الْبَالِغَ فِي الدُّنْيَا، وَهَكَذَا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُمْ يَجْحَدُونَ أَيْضا أَن يكون جَاءَهُم رَسُولٌ.
كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيل، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ " يجِئ نوح ﵇ وَأمته، فَيَقُول الله عزوجل هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ.
فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ " وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (١) ".
وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ.
فَهَذِهِ الْأُمَّةُ تَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ نَبِيِّهَا الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ نُوحًا بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْحَقَّ وَأَمَرَهُ بِهِ، وَأَنَّهُ بَلَّغَهُ إِلَى أُمَّتِهِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ وَأَتَمِّهَا، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِمَّا يَنْفَعُهُمْ فِي دِينِهِمْ إِلَّا وَقَدْ أَمَرَهُمْ بِهِ، وَلَا شَيْئًا مِمَّا قَدْ يَضُرُّهُمْ إِلَّا وَقَدْ نَهَاهُمْ عَنْهُ، وحذرهم مِنْهُ.

(١) سُورَة الْبَقَرَة ١٤٥ (*)

1 / 95