أما صاحب علي في التحكيم فقد أصر الأشعث بن قيس ومعه كثير من اليمانية على أن يكون ذلك الرجل أبا موسى الأشعري لكونه يمانيا ولا يريد الأشعث وجماعته أن يجتمع فيها مضريان -على حد تعبيرهم- وأما الإمام علي فكان يريد بعث ابن عباس أو الأحنف بن قيس أو الأشتر النخعي لكن الأشعث وجماعته -وكان لهم قوة- أصروا على أبي موسى الأشعري فلم ير علي ضرورة لمعارضته لأن أبا موسى الأشعري -وإن خذل الناس عن علي يوم الجمل- لكنه كان عالما قاضيا مفتيا قد ولاه النبي (صلى الله عليه وسلم) بعض الأعمال، فكان الإمام علي -رغم عدم اطمئنانه لأبي موسى- لم ير أن الأمر يستدعي جدلا كبيرا ولم يكن الإمام علي يظن أن أبا موسى الأشعري بهذه السهولة بحيث يستطيع أن يخدعه عمرو بن العاص ومع ذلك فقد أرفده الإمام علي بعبد الله بن عباس أحد أذكياء عصره وكان معه جماعة من أهل العراق لكنه -أعني أبا موسى- للأسف لم يستمع لنصيحة أحد فكانت النتيجة أن وقع فريسة سهلة لعمرو بن العاص الداهية المعروف.
بعد مهزلة التحكيم التي ناقش فيها الحكمان أمورا قد تم البت فيها من تولية الإمام علي وتركا أمورا كان يجب أن يبت فيها كقتلة عثمان وهل يؤخذ القصاص أم لا وكيف يتم أخذ القصاص من تقديم الدعوى والشهود فإن لم يتوفر ذلك فما الحكم؟!، وحديث عمار وحكم الفئة الباغية؟ وماذا يجب على المسلمين في أمر الفئة الباغية؟ والخروج على ولي الأمر الشرعي ما حكمه؟! وكيف يجتمع المسلمون بعد حل هذه الخلافات بينهم؟! وما إلى ذلك من الأمور الجديرة بالبحث والمناظرة.
صفحة ٨١