وعلماء الشام مع فضلهم بشر لا ينجون من تأثير البيئة الشامية التي كانت أقوى من محاولات الإنصاف خاصة مع استئناس هؤلاء بالتراث الحنبلي الذي خلفه لهم ابن حامد وابن بطة والبربهاري وعبد الله بن أحمد والخلال وأبو بكر بن أبي داود!! ومع تذكر الصراع التاريخي الطويل مع الشيعة فهذا كله كان له أبلغ الأثر في نظرتهم للإمام علي وأهل بيته فلذلك حوكم ابن تيمية في عصره على (بغض علي) واتهمه مخالفوه من علماء عصره بالنفاق، وأخطأوا في ذلك، واتهموه بالنصب وأصابوا في كثير من ذلك لقوله: إن عليا قاتل للرياسة لا للديانة وزعمه أن إسلام علي مشكوك فيه لصغر سنه وأن تواتر إسلام معاوية ويزيد بن معاوية أعظم من تواتر إسلام علي!! وأنه كان مخذولا!! وغير ذلك من الشناعات التي بقي منها ما بقي في كتابه منهاج السنة وإن لم تكن هذه الأقوال نصبا فليس في الدنيا نصب!! عفا الله عنه وسامحه0 وقد كان يعتذر بمبالغة شديدة لأهل الشام ويحمل فيه على أهل العراق باختصار حججهم هنا وتطويل حجج خصومهم هناك مع الاسترواح ببسط شبه الشاميين والاعتذار عنهم إضافة لإدعاء الإجماع على أمور خاطئة والتظاهر بالإنصاف، يقول ابن حجر العسقلاني: (طالعت كتاب ابن تيمية في الرد على الرافضي فوجدته شديد التحامل في رد أحاديث جياد...) وهي تلك الأحاديث التي في فضل علي!! فقد كان متحاملا عليها كثيرا وقد بين ذلك الألباني أفضل بيان في السلسلة الصحيحة() وذكر ابن حجر في لسان الميزان أنه: (كم من موطن بالغ ابن تيمية فيه في الرد على الرافضي أدته إلى تنقص علي رضي الله عنه!!) فلذلك نشأنا هنا في الخليج عامة وفي المملكة خاصة على أن الشيعة فيهم معظم صفات اليهود والنصارى وأنهم أسوأ من اليهود والنصارى بخصلتين!! حتى طبعت في ذلك الكتب ونوقشت الرسائل العلمية!! مع أن كل هذا أخذناه من ابن تيمية فقد ذكره ابن تيمية في مقدمة منهاج السنة معتمدا على رواية مكذوبة من رواية أحد الكذابين واسمه عبد الرحمن بن مالك بن مغول رواها عن والده عن الشعبي وهما بريئان من تلك الرواية().
فبالله كيف نستطيع الإنصاف وهذا التاريخ كله يجثم فوق صدور الحقائق.
فالسمة الغالبة على الشيعة وصف السنة بالنصب كما أن السمة الغالبة على النواصب وصف السنة بالتشيع، وهكذا خلافنا مع الإباضية والأشاعرة والصوفية وغيرهم، نتبادل الاتهامات دون حوار وبحث ودون رجوع إلى الحق الأول المتمثل في الكتاب والسنة الصحيحة المتفق عليها.
صفحة ٢١٠