وأحمد بن حنبل مع هذا كله بالغ فيه الحنابلة حتى جعلوا محبته دليلا على الإسلام وبغضه دليلا على الكفر والزندقة!! وهذا غلو لا يرتضيه أحمد نفسه0 والإمام أحمد إنما هو عالم حديث شأنه شأن بقية علماء الحديث في عصره كأبي بكر بن أبي شيبة ويحيى بن معين وعلي بن المديني والبخاري وغيرهم ومخالفته أو تخطئته ليست جريمة ولا إثما فهو بشر يخطئ ويصيب ولسنا أتباع الكتاب والسنة إن جعلنا أحمد بن حنبل أو غيره فوق الكتاب والسنة بل لسنا حنابلة ولا سلفية إن لم نفهم هذا الأصل العظيم وهو كون أحمد بن حنبل وسائر العلماء على مر الدهور محكومين بالكتاب والسنة لا يجوز الغلو فيهم ولا يجوز أن نضع اعتبارات خاصة في عالم من العلماء لا أحمد ولا الشافعي ولا جعفر الصادق ولا مالك ولا عبد الله بن أباض ولا زيد بن علي ولا الثوري ولا الأوزاعي ولا ابن حزم ولا غيرهم فكل هؤلاء إنما نحبهم ونقدرهم لصلاحهم واستقامة سيرتهم ولتعظيمهم للكتاب والسنة ودعوتهم لجعل النصوص الشرعية فوق أقوال الرجال ولو لم يقولوا هذا ولم يدعوا إليه لما التفت إليهم عاقل ولا أحبهم مؤمن فهم محكومون بالمنهج، محتاجون لرحمة الله ومغفرته ضعفاء في جانب قوة الشرع، يحتاجون منا أن ندعو لهم بالمغفرة والرحمة لا أن نغلو فيهم ونمنع من مخالفتهم مطلقا.
صفحة ١١٧