238

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

الناشر

دار المنهاج

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

مكان النشر

جدة

تصانيف

ما قال»، وأشار ﷺ إلى ما قاله له عبد الله بن أبي أمية بمكة: لا والله؛ لا آمنت بك حتى تتخذ سلّما إلى السماء، فتعرج فيه وأنا انظر، ثم تأتي بصكّ وأربعة من الملائكة فيشهدون معك بأن الله أرسلك (١).
قال أبو سفيان بن الحارث: والله؛ لتأذنن لي أو لآخذن بيد بني هذا، ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا، فرقّ لهما ﷺ، فدخلا عليه وأسلما (٢).
ولما بلغ ﷺ الكديد (٣) .. أفطر وأفطر الناس معه (٤)، ثم مضى حتى نزل مرّ الظّهران (٥)، فرقّ العباس على قومه، فخرج على بغلة رسول الله ﷺ؛ رجاء أن يصادف أحدا فيبعثه إليهم فيستأمنوا، فلقي أبا سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، وكانوا قد خرجوا يتحسّسون الأخبار، فأخبرهم العباس الخبر، فقال للعباس: فما الحيلة؟ فقال: اركب خلفي حتى آتيك رسول الله ﷺ وأستأمنه لك، فردفه ورجع صاحباه، فلما مر به العباس على منزل عمر .. لحقه عمر محرشا عليه، ومذكرا لرسول الله ﷺ سالف إساءته، فقال رسول الله ﷺ: «اذهب به إلى رحلك، فإذا أصبح .. فأت به»، فعرض عليه ﷺ الإسلام، فتلكأ قليلا ثم أسلم، فقال العباس: يا رسول الله؛ إن أبا سفيان يحب الفخر، فاجعل له شيئا، فقال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان .. فهو آمن، ومن أغلق بابه .. فهو آمن، ومن دخل المسجد .. فهو آمن» (٦).
وكانت الراية مع سعد بن عبادة، ثم سلمها ﷺ إلى الزبير، وأمره أن يركزها بالحجون (٧)، ودخل ﷺ من أعلى مكة، ولم يعرض له قتال، وأمّر

(١) «سيرة ابن هشام» (١/ ٢٩٨)، وعبد الله بن أبي أمية، هو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب.
(٢) أخرجه الطبراني في «الكبير» (٨/ ٩)، والطبري في «تاريخه» (٣/ ٥٠)، وابنه هو: جعفر بن أبي سفيان، انظر «مستدرك الحاكم» (٣/ ٢٥٤).
(٣) الكديد-بفتح الأول وكسر الثاني، وقيل: بالتصغير؛ بضم الأول وفتح الثاني-: موضع على اثنين وأربعين ميلا من مكة، وهو ماء بين عسفان وقديد.
(٤) أخرجه البخاري (١٩٤٤)، ومسلم (١١١٣).
(٥) مر الظهران: موضع على مرحلة من مكة.
(٦) أخرجه الطبراني في «الكبير» (٦/ ٨ و٩)، والطبري في «تاريخه» (٣/ ٥٢)، وأصله عند البخاري (٤٢٨٠)، ومسلم (١٧٨٠)، وانظر «سيرة ابن هشام» (٤/ ٤٠٢).
(٧) أخرجه البخاري (٤٢٨٠)، قال الحافظ في «الفتح» (٨/ ٨): (قوله: «عليهم سعد بن عبادة معه الراية» أي: راية-

1 / 247