211

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

الناشر

دار المنهاج

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

مكان النشر

جدة

تصانيف

منها، أنه لا يصلي الصبح، فقال صفوان: يا رسول الله؛ إني امرؤ ثقيل الرأس لا أستيقظ حتى تطلع الشمس، فقال له النبي ﷺ: «إذا استيقظت .. فصلّ» (١). ونزلت براءة عائشة ﵂ بعد قدومهم إلى المدينة بسبع وثلاثين ليلة في قول بعض المفسرين) اهـ (٢) وفي هذه السنة: -وقيل: في الخامسة-: غزوة الخندق (٣)، وذلك: أنه ﷺ لما أجلى بني النّضير .. سار رئيسهم حيي بن أخطب في رجال من قومه ودعوا قريشا إلى حرب رسول الله ﷺ، وأخبروهم: أنهم أهدى منه سبيلا، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.﴾ فلما أجابتهم قريش .. تقدموا إلى قيس عيلان، فدعوهم إلى مثل ذلك، فأجابوهم، فسارت تلك القبائل، فلما علم ﷺ بهم .. شرع في حفر الخندق بمشورة سلمان الفارسي، وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا (٤)، فجهدوا أنفسهم في حفره متنافسين في الثواب، لا ينصرف أحد منهم لحاجة إلا بإذن رسول الله ﷺ، وجهد معهم ﷺ في ذلك؛ فحمل من تراب الخندق حتى وارى الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشّعر، وكان يرتجز بشعر ابن رواحة: والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدّقنا ولا صلّينا فأنزلن سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لاقينا إنّ الألى قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا ويرفع صوته: «أبينا أبينا» (٥).

(١) «سنن أبي داود» (٢٤٥١). (٢) «الروض الأنف» (٧/ ٣٢). (٣) مر الخلاف في ذلك وترجيح أنها في الخامسة عند الكلام على غزوة المريسيع (١/ ٢١٦). (٤) أخرجه الحاكم (٣/ ٥٩٨)، والطبراني في «الكبير» (٦/ ٢١٢)، وابن سعد (٤/ ٦٣). (٥) أخرجه البخاري (٤١٠٤)، ومسلم (١٨٠٣)، وقوله: «إن الألى قد بغوا علينا» كذا وردت في أغلب روايات الحديث، قال الحافظ في «الفتح» (٧/ ٤٠١): (وقوله: «إن الألى قد بغوا علينا» ليس بموزون، وتحريره: «إن الذين قد بغوا علينا»، فذكر الراوي «الألى» بمعنى «الذين» ...، ووقع في الطريق الثانية لحديث البراء: «إن الألى قد رغّبوا علينا» كذا للسرخسي والكشميهني وأبي الوقت والأصيلي، وكذا في نسخة ابن عساكر) اهـ وهذا يرفع الإشكال، وهناك رواية أخرى مثبتة عند البخاري (٦٢٢٠)، ومسلم (١٨٠٢) ترفع الإشكال أيضا؛ -

1 / 220