القول في علم النجوم للخطيب
محقق
الدكتور يوسف بن محمد السعيد
الناشر
دار أطلس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الرياض
الْغَيْثَ﴾ [لقمان: ٣٤]، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عِنْدَهُ عِلْمَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ وَفِي خَلْقِهِ مَنْ يَعْلَمُهَا كَعِلْمِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي خَلْقِهِ مَنْ يَعْلَمُهَا كَعِلْمِهِ مَا كَانَ لِوَصْفِهِ نَفْسَهُ بِالْعِلْمِ بِهَا مَوْقِعٌ يَخْتَصُّ بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ، لِمُشَارَكَةِ خَلْقِهِ فِيهَا، وَلا إِفَادَةَ لِلْمُتَصَفِّحِ قَرَاءَتَهَا، وَإِذَا اشْتَرَكَ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ فِي شَيْءٍ، فَكَيْفَ يَتَبَيَّنُ الْقَادِرُ مِنْهُمَا وَالْعَاجِزُ فِيهِمَا عَلَى أَوْضَاعِ الْمُنَجِّمِينَ وَهُمْ قَدْ شَارَكُوا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﵎ فِي عِلْمِ هَذِهِ الأُمُورِ؟ لأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُخْبِرُ أَنَّ طُوفَانَ نَارٍ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ يَحُدُّهُ يَأْتِي عَلَى الْخَلْقِ يَنْتَثِرُ لَهُ الْكَوَاكِبُ، فَالْمُظْهِرُ لِلتَّمَسُّكِ بِالشَّرْعِ مِنْهُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ الْقِيَامَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَتَكَلَّمُونَ أَيْضًا فِي الْغَيْثِ وَفِي تَحَاوِيلِ السِّنِينَ، وَيَحْكُمُونَ عَلَى الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِنْ طَالِعٍ يُؤْخَذُ لِلْوَقْتِ أَوْ كَانَ أُخِذَ لِسُقُوطِ النُّطْفَةِ، فَيَقُولُونَ ذَكَرٌ هُوَ أَوْ أُنْثَى، وَمَتَى تُلْقِيهِ أُمُّهُ، وَيَتَحَقَّقُونَ بِحُكْمِهِمْ مُدَّةَ عُمُرِهِ وَمَا يَكُونُ حِرْفَتُهُ، وَأَيُّ شَيْءٍ يَصِيرُ إِلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ، وَأَيْنَ يَكُونُ مَنِيَّتُهُ.
وَلَوْ صَحَّ أَنَّ أَقْوَالَ الْمُنَجِّمِينَ فِي الْقَطْعِ عَلَى الآجَالِ صَحِيحَةٌ غَيْرُ سَقِيمَةٍ، وَفِي الأَرْزَاقِ وَالاكْتِسَابِ صَادِقَةٌ غَيْرُ كَاذِبَةٍ،
1 / 196