ولعل سبب ذهاب الإمام في الكيفية التي تؤخذ بها الدية في الموضحة والسن والأصبع إلى الأخماس والأعشار في (المنتخب)؛ يرجع إلى أنه لا يحتاج إذا كانت أخماسا أن يشترك المعطي والمعطى في شيء منه، بينما يجب الاشتراك إذا كانت أرباعا؛ لأن الخمس والعشر ليس لهما ربع صحيح؛ فكان ذلك أسلم من المشاركة(1)، وهو ما أرجحه، والله أعلم.
المبحث الثالث القول الأول والثاني في القضاء
المطلب الأول تنصيب السلطان الجائر القاضي والحاكم
هل يشترط في ولاية الاضي أن يكون الحاكم عادلا؟
يقول الإمام ابن المرتضى أن مذهب الإمام الهادي في تولية السلطان الجائر للقاضي والحاكم؛ فيه رأيين مختلفين؛ حيث أشار إلى أن الإمام الهادي في (الأحكام) لم يجز هذه الولاية، ولكنه أجازها في (المنتخب)؛ فقال: " (هق): ولا تصح تولية من سلطان جائر؛ إذ لا ولاية له، (خب): تجوز" (2).
وبالتالي؛ فللإمام الهادي روايتين:
الأول: تصح ولاية القاضي من حاكم جائر.
الآخر: عدم صحة تولية القاضي من حاكم جائر.
وهذه المسألة قد أشار إليها الإمامين أبو طالب والمؤيد بالله؛ غير أن الإمام المؤيد بالله لم يشر لوجود خلاف بين الروايتين(3)؛ بينما أشار الإمام أبو طالب لهذه المسألة بشيء من البيان؛ يقول: "قال يحيى في (الأحكام): والبغاة يقر من أحكامهم ما وافق الحق، وينقض ما كان باطلا، ومن أصحابنا من خرج على هذا، وعلى مسألة أخرى قد ذكرها في (المنتخب): تجويز تولي القضاء من جهة الظلمة، وهذا تخريج غير صحيح عندنا" (4).
صفحة ١١٦