القوانين المحكمة في الاصول المتقنة
الناشر
دار المحجة البيضاء، 2010
تصانيف
فلذلك قد يدعي أحدهم أن الأمر بالشيء لا يدل على النهي عن ضده الخاص عرفا بأحد من الدلالات (1) كما هو الحق ، ويدعي آخر دلالته لما التبس عليه الأمر من جهة الأدلة العقلية التي قربت إليه مقصوده.
وكذلك في مقدمة الواجب ، فلا بد أن يرجع الى عرف عوام العرب ، فإنهم هم الذين لا يفهمون شيئا إلا من جهة وضع اللفظ ، فالفقيه حينئذ كالجاهل بالاصطلاح وإن كان من جملة أهل هذا الاصطلاح.
وبالجملة ، لا بد من بذل الجهد في معرفة أن انفهام المعنى إنما هو من جهة اللفظ لا غير.
وبما ذكرناه (2) ؛ يندفع ما يتوهم ، أن التبادر كما هو موجود في المعنى الحقيقي. فكذلك في المجاز المشهور ، فلا يكون علامة للحقيقة ولا لازما خاصا لها ، بل هو أعم من الحقيقة.
وتوضيح ذلك : أن المجاز المشهور ، هو ما يبلغ في الاشتهار بحيث يساوي الحقيقة في الاستعمال أو يغلبها [يغلب] ، ثم إن الأمر فيه الى حيث يفهم منه المعنى بدون القرينة ، ويتبادر ذلك حتى مع قطع النظر عن ملاحظة الشهرة أيضا ، فلا ريب أنه يصير بذلك حقيقة عرفية كما ذكرنا سابقا ، وهذا أيضا وضع ، فالتبادر كاشف عنه ، وإن لم يكن كذلك ، بل كان بحيث يتبادر المعنى بإعانة الشهرة وسببيته وإن لم يلاحظ تفصيلا (3) ، وهو الذي ذكره الأصوليون في باب تعارض الأحوال.
__________________
(1) الدلالات الثلاث.
(2) من أن التبادر بلا قرينة هو علامة الحقيقة بخلاف التبادر مع القرينة ولو كانت قرينة الشهرة كما مر الاشارة إليه ، فإن ذلك التبادر علامة المجاز.
(3) بمعنى ان سبب التبادر هو الشهرة ، والمراد بالملاحظة التفصيلية هو أن يلاحظ المعنى الحقيقي أولا ثم المعنى المجازي ثانيا ثم العلاقة والمناسبة بينهما ثالثا.
صفحة غير معروفة