الاهداء
إلى سيدي ومولاي وشفيعي ورجاي الحسين ابن أمير المؤمنين عليهماالسلام الشهيد والغريب الذي ذبحوه عطشانا ظلما وعدوانا فلم يرحموا له صغيرا ولم يراقبوا له ذمة ولم يراعوا له قريبا.
السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين
وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
صفحة غير معروفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات وأتم التسليم على محمد وآله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
إلهي أنا الجاهل في علمي ، فكيف لا أكون جهولا في جهلي.
إلهي إن ظهرت مني المحاسن ، فبفضلك ولك المنة علي وإن ظهرت المساوئ مني فبعدلك ولك الحجة علي.
إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي ، وما أرحمك بي مع قبيح فعلي.
إلهي من كانت محاسنه مساوئ فكيف لا تكون مساوئه مساوئ ، ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي.
إلهي علمني من علمك المخزون وصني بسترك المصون.
إلهي أخرجني من ذل نفسي وطهرني من شكي وشركي قبل حلول رمسي.
إنك على كل شيء قدير والحمد لله وحده رب العالمين
صفحة غير معروفة
مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
بالولاء والايمان ، وهدانا الى أحسن الأديان وفهمنا فقه الاسلام ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على أفضل الرسل وأعظم الأنام ، وعلى آله الأئمة الأعلام مسالك الرضوان وسبل دار السلام ، الذين علمونا الصلاة والصيام والشرائع والأحكام ، وعرفونا أصول معالم الحلال والحرام ، فهدونا الى صحاح عباداتنا وأرشدونا الى صلاح معاملاتنا وفلاح فعالنا وسائر تروكنا ، على من قتلهم وأذاهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين أبد الآبدين.
وبعد ...
فهذا كتاب شرحت فيه وعلقت به على أحد أكبر الآثار والموسوعات الأصولية في الحوزات العلمية ، والذي بقي ردحا من الزمن وردا يرده طلبة العلم والمعرفة ، يرتقون به الى درجة الاجتهاد وأسباب الفضيلة وسلما الى الآخرة.
فقصدت فيه الى إظهار العبارة وايضاح الاشارة باختصار ، وعمدت به الى بعض الرموز المكنونة فدعيتها الى البروز باقتصار أو علقت على فرع علمي بإيجاز من غير إخلال ، ولربما أتيت على اللفظ المستغرب فيه فأردفته بما يزيل الاستغراب او الاستهجان.
صفحة غير معروفة
وهكذا حققت متونه وعربت مضامينه ، وهذبت مطالبه وجمعت شوارده ، ورتبت مسائله وفوائده وأخرجت قوانينه ومقاصده ، وأبرزت أبوابه وتفريعاته وأحكمت تنبيهاته وتتميماته ، وميزت ايقاظاته وتذنيباته ، وهكذا فعلت في مقدماته حتى وصلت الى خاتمتيه.
فكم تفحصت في كتب لمفردة وردت فيه لزمن طويل أو لكلمة قد خلت من شدة في المعاجم اللغوية لوقت كثير أو لضبط قول قائل بين الأقاويل.
ولو أنني عملت في تأليف كتاب مستقل في الأصول ؛ لكان أسهل علي همة ومنالا ؛ وأقل مدة وعبأ من التحقيق والشرح والتعليق على كتاب دراسي ، لأن العمل في الثاني يفتقر الى مزيد من الدقة وكثير من التتبع وتوجه كبير الى السياق ، حيث إن مثل هذه الكتب الدراسية مليئة بالألغاز ومفعمة بالألفاظ والعبارات ذات الوجوه المتعددة ، فعلى الشارح أن يعمل في حلها ، وعلى المعلق أن يقلب في معانيها. ويمكن القول بأن مثل هذا ، جهد في ضرب من ضروب الطلاسم ، وبعد كل هذا وذاك ، ربما سيأتي غدا حاسد أو غير ملتفت أو غير منصف ليقول : إن الأمر سهل بسيط لم يتعد الشرح والتعليق.
وهكذا عملت في إحياء هذا السفر العظيم ببث الحركة والقوة والروح فيه وإحضاره الى ساحة العلم والعلماء وميدان الفضل والفضلاء بحلة جديدة وطريقة حديثة تؤدي لتقبله والتوجه إليه.
وقد يقول قائل : بأن هذا الكتاب قد مضى عليه الزمان وأصبح بعيدا عن الأذهان بعد أن طواه النسيان وصار في ذاكرة الأيام.
صفحة غير معروفة
فإنني آخذ بالقول عليه : بأن هذا الكتاب لا ريب أنه من أكبر الموسوعات العلمية الأصولية وواحد من مفاخر الإمامية وتراثهم ، ومن العيب والمخجل أن ننظر إليه بأدنى انتقاص ، علما بأنه لو أردنا حكم العلم والفضل لوجدنا بأنه إن لم يكن من الكتب الراجحة في هذا الفن ؛ فهو من أهم المصادر وأولاها وأهمها ، فله السبق والصدارة ، وهو من بين الكتب السابقة التي أسست للكتب اللاحقة ، وان التهافت في هذا العلم سبب من أسباب تجلي النظريات العلمية الصحيحة من السقيمة ، واعتقد ان لهذا المصنف أثرا في ذلك.
ويجدر القول بأن بحوث هذا الكتاب بمثابة دورة أصولية كاملة وعلى مبنى كاتبه ، ويبدو أنها ذات أهمية غير قليلة ، ولقوة الاستدلال فيها ولدقة بيانها ومبانيها يمكن أن يرتقي الانسان من خلالها ويتعلم على التدرج العلمي فيها وعلى طريقة الاستنباط منها ، بل وما جعلت متون دراسية من قبل إلا لتدريب الطالب وتفهيمه للوصول الى أمثال هذه المطالب.
واعتقد أن من لا يطالع «القوانين» قد لا يصل الى حظ واف من العلم أو يحرم من بعض المطالب معرفة وإحاطة أو قدرة على التصرف في بعض الأدلة العلمية وتفرعاتها.
ف : «القوانين» كتاب لا يستغنى عنه ولا تستقل بضاعته ، فعلى طلبة هذا العلم أن يقبلوا عليه ليتحقق عندهم الإقبال على هذا الفن ، وأن يستأنسوا به لكي يأنسوا فقها بطريقة الفقهاء.
فهذا الكتاب من أمهات مراجع علم الأصول ، وموسوعة شاملة لجميع مبانيه وكثير مسائله ، قلما لا تجده عند كل متخصص في هذا العلم ، ويكاد لا يستغنى عنه.
ولم أجد موسوعة أصولية طرحت جل مسائله وعالجت ما ذكره العامة والخاصة في كتبهم كمثله ، فهو من ناحية الشمولية أجاد ومن ناحية ثقل المادة أبدع ، ولئن نوقضت قليل من آرائه ورد على بعض أقواله لا يعني أن نتجاهله ونرميه بين زوايا الجدران ليصبح في النسيان.
فمع أن هناك بعض الآراء التي تعود له قد نسخت بعد الاستدلال على بطلانها وعدم وجاهتها ، وهذا لا يعني أنها مسخت ، فلأنها طرح علمي ، تبقى محلا للاستفادة ، وان ببطلان البعض لا يعني إلغاء الكل.
صفحة غير معروفة
وأنا أبحث فيه لمست منتهى الدقة ، ووقفت وتأملت في مدى التواضع الذي كان عليه هذا المحقق ، فغايته الفضيلة ورغبته في الحقيقة العلمية ، فلا يريد أن ينتصر لقوله ويتفوق لنفسه ، وإنما للعلم وللعلم فقط ، بل إنما يتفانى في كل وجوده لأجل ذلك ، فانظر إليه في بعض المطالب وهو يقول : فتأمل في أطراف هذا الكلام ومعانيه وتعمق النظر في غمار مقاصده ومبانيه ، ولا تنظر الى تفردي به كأكثر مقاصد الكتاب ، ولا تلحظ إليه بعين الحقارة وإلي بعين العتاب ، ثم بعد ذلك فإما قبولا وإما إصلاحا وإما عفوا والله الموفق للصواب.
وقد ترى اليوم من يمكن القول انه في طور المراهقة العلمية أو من آنس من نفسه علما قليلا ليستشكل على هذا المحقق أو ذاك المارد في العلم والفضل وليتعالى في الميادين العلمية أو غيرها ، وتأخذه الكلمات والنظريات ليظهر من نفسه علما وقدرة ، وإذا ما أحس من آخر سكوتا من غير بكم ظنه عجزا.
فما أكثر في هذا الزمان الابتداع والادعاء ، وأكثر منه من يتلقاه بالقبول ويروج له في الأسواق كما يروج للسلع الباطلة لأجل المصالح الفاسدة ، والعياذ بالله العظيم من ذلك.
ويبقى القول : بأن هذا الكتاب لا يحتاج الى مزيد من الترويج له ، فحضوره يبقى قويا عند أهل الخبرة والمعرفة ، وقد ذاكرني أحد المدرسين الكبار فقال فيه : إن مطالب كتاب «القوانين» تفتح الذهن وتوقده. وسمعت وكما ينقل ومصدره الصدور كما في المثال بالفارسية : (از سينه به سينه) أن طبيبا نصرانيا بعد أن أطلع على كتاب «القوانين» وقدرة صاحبه فيه على الدقة في التحقيق قال : إن صاحب هذا المؤلف سوف تتأخر حاسة سمعه في أواخر عمره لكثرة تفكره ، لما كان قد أبداه في تحقيقه لمطالب هذا السفر القيم ؛ وهذا الذي تحقق وصار.
صفحة غير معروفة
ونقل أنه حتى إذا أتم «القوانين» أصيب من جراء شدة تعمقه وتفكره بثقل في سمعه ، وعند ما جيء بكتاب «القوانين» إلى السيد مهدي بحر العلوم في النجف الأشرف ، وبعد أن رآه وأحاط ببعض مطالبه ومطاويه ، وقبل أن يعرف مصنفه قال لمن جاء به : يا هذا لقد لاحظت هذا الكتاب ولم أدر لمن هو إلا أن صاحبه قد أصيب ببعض مشاعره لا محالة أم لا بد له من آفة تنزل على سمعه أو بصره.
فقيل له : بلى إنه من تأليفات مولانا الميرزا القمي ، وقد أصيب بعد فراغه منه بثقل السامعة ، فتعجب الحاضرون من فراسة السيد.
وأما في المنهج العملي :
ولمكانته وأهميته فقد وجدت له نسخا خطية كثيرة ، ونظرا لتداوله كثيرا بين أيدي العلماء والطلاب الفضلاء ، وكما يقال : قد عنى بتدريسه واتقانه والتفنن في فروعه وأغصانه جملة العلماء الأخيار وكافة فضلاء الأعصار في هذه الأمصار ، وأيم الله إنه لحقيق بذلك ، بل فوق ذلك حيث إنه من جهة استحكام مطالبه ومآربه مفيد في الغاية لقوة التصرف في ميدان الأفكار ، ومشحذ الأذهان في مقام يريح الأنظار بحيث لا يليق غيره بالتدريس عند الفحول ، وهو الغاية القصوى في متن علم الأصول.
وهذا كله ساعد في أن تكون نسخه كلها متقاربة مضبوطة ومحفوظة من كثير الأخطاء وكبيرها ، فالمشهور ليس كالمجهول يمكن التلاعب في ألفاظه.
ورغم ذلك فقد كنت أتفحص بعضها عند ما أحس بشبهة ، فأقف عندها حتى أصل لحلها أو لمخرج لها.
صفحة غير معروفة
وكان جل عملي على نسخ ثلاث خطية هي للمجلد الأول في مباحث الألفاظ والأدلة الشرعية ، نسخة بخط عبد الرحيم بن محمد تقي التبريزي والمصححة أصلا وفرعا من محمد علي والميرزا رضا والمطبوعة في سنة 1290 للهجرة ، ونسخة بخط أحمد التفرشي والمطبوعة في دار السلطنة في تبريز سنة 1315 للهجرة ، ونسخة رائجة في الكثير من المكتبات وهي بخط عبد الرحيم بن محمد تقي التبريزي المطبوعة في العشر الأواخر من شهر ذي الحجة الحرام سنة 1303 للهجرة ، وهي في خط غير خط النسخة السابقة على ما يظهر.
وبعد الضبط لنصوص الكتاب ومقابلة نسخه وتقويمها ، شرعت في تقطيع النص وترقيمه الحديث بما يناسب لتسهيل الكتاب وترتيبه ويساعد على فهمه وصياغته ، وعملت في تخريج ما يحتاج الى تخريجه من الآيات والروايات وبعض الأقوال وأصحابها ومصادرها ، وكنت قد تركت تخريج وتتبع صفحات بعض المصادر بعد ما رأيت أن المصنف في المتن قد ذكرها فلا حاجة لتخريجها ، لأن المطلع على هذا الكتاب حتما على معرفة بأنه إن نقل قول لقائل مثلا في مبحث الأوامر في مسألة تتعلق بالأمر ، غالبا فإنها في كتاب المنقول عنه لا تكون في مبحث المطلق والمقيد أو الاجماع مثلا ، فإن ذكر الصفحات مع تعدد الطبعات كما هو في مثل هذه الأيام قد يكون قليل الجدوى ، ففي معرفة المبحث ومسألته كفاية عند أهل الفضل.
كما كنت قد جعلت بين معقوفتين الكلمات المختلفة بين نسخة واخرى ، وكنت قد عملت في تصحيح بعض النصوص الشرعية أو العبارات والكلمات التي يمكن أن تكون من النساخ أو أنها بالأصل قد ذكرت في المضمون وليس كما هو المنصوص كمثل ذكره : (اعتق رقبة مؤمنة) وهذه ليست بعينها كما في القرآن المجيد ، وإنما الذي في القرآن هو قوله تعالى : (فتحرير رقبة مؤمنة). ففي مثل هذا كنا قد أثبتنا الصحيح المقصود ، وهكذا نهجنا في مثل ذلك من الكلمات.
صفحة غير معروفة
نعم هناك بعض الكلمات والجمل يخيل للوهلة الأولى للقارئ انها خاطئة ومع الدقة تجدها صائبة ، فلذا اثبتناها على ما هي عليه ولم نتصرف في شيء منها حفظا للأمانة.
وليعلم أن للمصنف إلماما كبيرا في البلاغة والنحو وقد صنف بعض الكتب والرسائل فيهما ، فلا يعتقدن أحد بخطئه عند ذكره لغير مألوف من بعض كلمات أو لمحل رجوع بعض ضمائر أو لتذكير وتأنيث أو لتعريف وتنكير ، لأنني كثيرا ما لاحظت صواب ما يقوله ، عند الدقة في قوله وتتبع الجملة من أولها ، والتقدير لكلمات فيها ، فيحكم المتعجل بأن المصنف مخطئ بينما هو مصيب.
هذا وربما ستلاحظ أنه في بداية الكتاب قد أكثرت من الشرح وتوقفت على كثير من الألفاظ تحقيقا وشرحا وتعليقا ، ثم عدلت عن ذلك المنهج بعد أن تنبهت لضرورة الاقتصار على الأهم والاختصار على الأقل ، ولو أن هذه الطريقة توالت لبلغ هذا كثيرا ولتعددت أجزاؤه وكبر حجمه ، وهذا ينافي ما رأيته من التسهيل ليصبح الكتاب محلا للقبول وأهلا لمن يراعي الاختصار في مثل هذا المجال.
وقد تجد أن هناك بعض المطالب الأصولية أو البعض الذي له صلة بمسألة اعتقادية لم آت على التعليق عليها إما لأنها خطيرة وما وددت التعرض إليها ببيان قليل يمكن أن يؤدي لإخلال بها ، فوقفت عندها أو مررت عليها وتركتها دون الخوض والغمار في الكلام عنها.
وهناك بعض تعاليق قد ذكرتها لفائدة ما فيها ، وذكرت القائل لها ، وكنت قد أعرضت في بعضها عن ذكر القائل لها ، نعم عبرت في ذيلها هذا ما أفاده أو على ما أفاده في الحاشية ونحو هذا ، وذلك لأنه لم يكن عندي من متسع لأجهد نفسي في التحقق من القائل لها بعد ما أجهدتها في التدبر بهذه الأقوال والتطلع إليها قبيل استنساخها تبعا لما كنت أراه لأهميتها أو لأمر آخر.
صفحة غير معروفة
كما كنت قد وقفت على بعض الحواشي والتي كان بعض أصحابها قد خفي عليهم تمام المطلب ، فعملت في تصحيحها بعد أن أشرت إليها ، ومن هنا الذي لا بد أن يعرف هو أن ليس كل شرح وتعليق بصحيح ، وليس بالضرورة كل شارح ومعلق بمصيب ، فلا بد أن ينظر في مقام العلم الى ما ذكر وليس الى من ذكر ، والى ما قال وليس الى من قال.
نعم إن هذا لا يعني أن نطلق العنان ونتجاسر فنقع في المحذور ، لأنه في بعض الأحيان من قال قد قال قوله عن حكمة بالغة وربما قد خفيت علينا ، فلا بد من التدبر بالقول ، سيما إذا كان لأهل الفضل الذين يعتد بكلامهم ويعول على علمهم ويحترم رأيهم.
كما كنت قد ترجمت بعض الرجال الأصوليين وأغمضت عن بعض ، ذلك لأن البعض الآخر ذاع صيتهم وعمت شهرتهم وألفت الحوزة ذكرهم وقل أن يجهلهم طالب علم لما لهم من أياد شهد لهم بها القاصي والداني.
ويبقى القول دفعا لما يمكن أن يرد ، إنني لما تأملت ووجدت بأن القارئ لهذا الكتاب من المفترض أن يكون من الفضل وطلاب المراحل العالية ، فأخذت بعين الاعتبار هذا النضوج ، فأتيت على شرح ما لاحظت عبارته تحتاج الى بيان والتعليق بناء على نضوج القارئ وفضيلته.
صفحة غير معروفة
نعم لا أقول بأنني أحطت بكل شيء وأحصيت كل ما جاء ، بل إنما تركت الكثير من القيل والقال وكذا الى ما جاء من التعاليق والأقوال من صاحبي «الكفاية» و «الرسائل» وغيرهما من المعاصرين للميرزا ومن بعده ، لأنني اعتبرت ان طلاب هذه المباحث سوف يأتون بعد ما يحيطون بآراء الميرزا الى آراء غيره ، فيتعرفون على تعاليقهم وأقوالهم على أقواله ، وذلك تنظيما للتدرج ورعاية للتفهم وابتغاء في الاختصار وتأهيلا للتبصر والاستبصار.
وهذا بناء على من يقدم «القوانين» على «الكفاية» و «الرسائل» ، وأما من يؤخره درسا أو مطالعة عنهما فإن الأمر سهل غير عسير ، فبمطالعته التالية يرى اليسير ولا يحتاج بعد احاطته الى من له يشير.
وهكذا أتممت عملي بنفسي ، دون الاستعانة بغيري ، إذ إنني طالما كنت أخشى على المتن وشرحه من أن يلحق به العبث نتيجة لعدم التخصص ، وهي مشكلة اليوم ومحنته التي نعانيها في بعض الكتب والآثار العلمية المهمة التي طبعت أخيرا بحلل جميلة ولكن أتت بأخطاء كبيرة مطبعية وغيرها أو حذف كثير منها ، وذلك إما لأن الذين عملوا بها وأشرفوا عليها ما كانوا من أهل الاختصاص ، وإما لمصالح خاصة بأصحاب المصالح ، فحذفت وغيرت ، وهذا وللأسف قد حصل حتى في كتب حديثية كما سمعت.
مثل هذا دعاني لأن أتولى عملي بنفسي فلا يعمله غيري وأدعيه لنفسي ، شاكرا لمن آزرني ممن صف أحرف الكتاب الأخ جعفر الوائلي ، والأخ السيد محمد إمام ، ولمن ساهم في التصحيح والمقابلة الأخ كريم عبد الرضا والأخ الفاضل السيد محمد باقر الحسيني الأشكوري وولدي الشريف علي ، ولكل من ساهم في الإنجاز والطبع. وكنت قد أمضيت أشهرا كثيرة وأنا أبحث في هذا الكتاب في حجرة من حجرات مدرسة إمام العصر عليهالسلام ، فشكرا للمؤسس لها وللقيم عليها آية الله الشيخ ميرزا أحمد الدشتي النجفي أطال الله في عمره وفي عافيته
صفحة غير معروفة
والموسوعة الأصولية الهامة من آثار وموسوعات قدمائنا الأفذاذ ، الذين كانوا قد بذلوا المهج وخاضوا اللجج وقدموا كل غال ونفيس ، فضربوا الأكباد وهجروا سكينة الرقاد وشدوا العزيمة ولم يجعلوا لأي ثمين سواه قيمة ؛ صونا لهذه العلوم من الغروب والأفول وحفظا لها من الاندثار والانحسار ، تقربا منهم الى الله الواحد القهار العالم بالخفايا والأسرار ، فكان النتاج آثارا نفيسة تدل على رسوخ قدمه وعلو كعبه وسمو همته تصنفه من الأخيار وتبديه من الأبرار ، وقبرا له أصبح اليوم مزارا في الليل والنهار وتؤدى عنده النذور لمؤمنين ومؤمنات قد نذروا لله التسبيح والصلوات والوجوه والخيرات.
وإني لسعيد في أن افتح العيون وأرفع الستار وأرشد الأذهان وأشد العقول على سر هذا الكتاب ، وكأنني إن شاء الله سأرى بعد هذه الطبعة ستتسابق إليه الأيدي والدور الى نشره ، وستليه طبعات وبذلك يكون فخري ، لأنني أوصلت هذا الكتاب بعد حين من الدهر الى الميادين العلمية بحلة جميلة وليعود محورا في هذا الفن ومحلا يتطلع إليه الفضلاء ، وليعود الميرزا القمي بعد قرنين من الزمن بكتابه الذي طالما كان ينظر إليه بإكبار بين الخاصة والعامة ، وقلما كانوا لا يذكرونه إلا بإعجاب وإعلاء.
جعلنا الله وإياه ممن يؤول الى دار السلام ، في مقام مع من يرتضيه نكون ، نرتل ونقول : (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام.)
لسان الغير.
اللهم اختم بعفوك أجلي وحقق في رجاء رحمتك أملي وسهل إلى بلوغ رضاك سبلي وحسن في جميع أحوالي عملي.
وقد وقع الفراغ من تدوينه على يد
رضا حسين علي صبح
ليلة التاسع من ربيع الأول وهي ليلة اليوم السعيد / 1427 ه
في حرم السيدة المعصومة عليهماالسلام قم المقدسة
صفحة غير معروفة
ترجمة المصنف
هو الميرزا ابو القاسم ابن المولى محمد حسن ، أو يقال له ابن الحسن الگيلاني الشفتي الرشتي الأصل ، الجابلاقي المولد والمنشأ ، والقمي الجوار والمدفن.
ولد في عام 1150 أو 51 أو 52 هجري قمري في «جابلاق» أحد نواحي مدينة بروجرد الايرانية ، وهو ينحدر من أصول گيلانية.
شرع في دراسة العلوم الأدبية عند أبيه منذ صغره ، وبعد بلوغه انتقل الى بلدة خوانسار حيث درس على السيد حسين الخوانساري جد صاحب «روضات الجنات» الفقه وأصوله سنوات عدة ، وقد تزوج بأخته.
بعد ذلك توجه الى مدينة كربلاء المقدسة فدرس على الآقا محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني المشتهر بالوحيد. ويعد الميرزا من الجيل الأول من الأجيال التي تعاقبت المدرسة الأصولية بعد الوحيد ، ومن الطبقة الأولى الأصولية بعد أفول الطريقة الإخبارية المناهضة لعلم الأصول.
وبعد أن أجازه استاذه عاد فقيها ليسكن (دره باغ) من قرى «جابلاق» ، ثم انتقل الى (قلعه بابو) في «جابلاق» ، حيث أخذ يقوم بمهامه الدينية ويدرس النحو والمنطق في «شرح الجامي» و «حاشية الملا عبد الله».
صفحة غير معروفة
بعد ذلك غادر الى مدينة اصفهان وصار يدرس في مدرستها (كاسه گران) ، ثم انتقل الى مدينة شيراز في أيام سلطان كريم خان الزندي فبقي سنتين أو ثلاثا ، ثم عاد الى قرية (قلعة بابو) حيث بقي يدرس الفقه وأصوله فيها حتى صارت له شهرة عظيمة ، فطلب منه الاقامة في مدينة قم المشرفة ؛ فأجاب أهلها ، وأخذ يدرس ويعلم فيها ويرشد ، يؤم الجمعة والجماعة ويتولى أمور الناس وشئونهم ، فيحل نزاعهم ويصلح أعمالهم ويهديهم الى دينهم ودنياهم ويكثر من التصانيف بها حتى شاع ذكره في البلاد ورجع إليه في التقليد العباد.
وهو يروي عن جماعة منهم استاذه الوحيد البهبهاني (ت : 1206) ، وعن الشيخ محمد مهدي بن بهاء الدين محمد الفتوني العاملي (ت : 1183) ، والآقا محمد باقر الهزار جريبي النجفي (ت : 1205).
وفي «الروضات» : انه كانت بينه وبين السيد علي الطباطبائي «صاحب الرياض» مخالفات ومنافرات كثيرة في المسائل العلمية ، (قال) : وذكر لي شيخنا الفقيه المتبحر السيد صدر الدين الموسوي العاملي ، أنه كان في تلك الأيام بكربلاء فكان صاحب «الرياض» يناظره في كثير من مسائل الفقه والأصول حيثما اجتمع به.
ويقول في «الأعيان» : انه يحكى انه لما زار العتبات الشريفة بعد مجاورته بقم وأراد علماء النجف الاشرف مناظرته في مسألة حجية الظن المطلق اختاروا لذلك السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى الحسيني العاملي أخا جد والد (السيد محسن الأمين) ، وكان مبرزا في علم الأصول ، فأورد عليه ايرادات كثيرة لم يجب الميرزا عن جميعها في المجلس ثم ذكرها في قوانينه في ذلك المبحث بصورة فإن قلت قلت ، فالأسئلة الكثيرة في ذلك المبحث هي للسيد حسين المذكور.
صفحة غير معروفة
وممن يروي عنه من تلاميذه الشيخ أسد الله التستري كما في «مقابيسه» ، وصاحب «الاشارات» الكرباسي ، و «المحصول» السيد محسن الأعرجي ، والسيد عبد الله شبر ، والسيد جواد العاملي صاحب «مفتاح الكرامة» ، وينقل السيد الامين في «الأعيان» وأيضا تلميذاه السيد محمد مهدي الخوانساري صاحب الرسالة المبسوطة في أحوال أبي بصير ، وابن أخيه السيد علي شارح المنظومة للسيد بحر العلوم شرحا لم يتم ، وفي «روضات الجنات» : انه كان كثير العناية بهما شديد المحبة لهما كثير الاعتماد عليهما مصرحا بفضلهما واجتهادهما على جميع تلاميذه.
في «الأعيان» : كان مجتهدا محققا فقيها أصوليا علامة رئيسا مبرزا من علماء دولة السلطان فتحعلي شاه القاجاري ، واشتهر بين العلماء بالمحقق القمي ، وفي عباراته شيء من الاغلاق ، وانفرد بعدة أقوال في الأصول والفقه عن المشهور ، كقوله بحجية الظن المطلق ، واجتماع الأمر والنهي في شيء واحد شخصي ، وجواز القضاء للمقلد برأي المجتهد ، وغير ذلك.
وقد قيل في حقه : هو أحد أركان الدين والعلماء الربانيين والأفاضل المحققين وكبار المؤسسين وخلف السلف الصالحين. كان من بحور العلم وأعلام الفقهاء المتبحرين ، طويل الباع كثير الاطلاع حسن الطريقة معتدل السليقة له غور في الفقه والأصول مع تحقيقات رائقة ، وله تبحر في الحديث والرجال والتاريخ والحكمة والكلام ، كما يظهر كل ذلك من مصنفاته الجليلة ، هذا مع ورع واجتهاد وزهد وسداد وتقوى واحتياط ، ولا شك في كونه من علماء آل محمد وفقهائهم المقتفين آثارهم والمهتدين بهداهم.
وفي «روضات الجنات» : كان محققا فى الأصول مدققا في المسائل النظرية ، شأنه أجل من أن يوصف ، ورعا جليلا كثير الخشوع غزير الدموع طيب المعاشرة جيد الخط بقسميه المشهورين.
صفحة غير معروفة
وفي «قصص العلماء» : عيلم تدقيق وعلم تحقيق علامة فهامة مقنن القوانين وناهج مناهج الصدق واليقين ، قدوة العلماء العاملين وأسوة الفقهاء الراسخين ورئيس الدنيا والدين ، أزهد أهل زمانه وأورع المتورعين وأعلم وأفقه المعاصرين.
وقال تلميذه الشيخ أسد الله صاحب المقابيس : الشيخ المعظم العالم ، العلم المقدم مسهل سبيل التدقيق والتحقيق مبين قوانين الأصول ومناهج الفروع كما هو حقيق ، المتسنم ذروة المعالي بفضائله الباهرة الممتطي صهوة المجد بفواضله الزاهرة ، بحر العلوم الخائض بالفوائد والفرائض ، الكاشف بفكره الثاقب عن غوالي الخرائد ، شمس النجوم المشرقة بأنوار العوائد على الأوائل والأماجد والأداني والأباعد ، الأمجد الأعبد الأزهد الأورع الأتقى الأسعد الأوحد شيخنا ومولانا ومقتدانا الذي لم يعلم له في الفقهاء سمي الميرزا ابو القاسم بن الحسن الگيلاني القمي أدام الله عليه عوائد لطفه الأبدي وفيضه السرمدي ، وهو صاحب «القوانين في الأصول» و «المناهج» و «الغنائم» و «مرشد العوام» الفارسي في الفقه ، وغيرها من الرسائل والمسائل والفوائد العظيمة المنافع العميمة العوائد.
وذكر ميرزا محمد عبد النبي النيسابوري في كتاب رجاله الكبير فقال فيه : أصولي مجتهد مصوب معاصر يروي عن شيخنا محمد باقر البهبهاني.
وقوله : مصوب افتراء منه ، فليس في الامامية من يقول بالتصويب الباطل الذي هو بمعنى ان ما أدى إليه نظر المجتهد فهو حكم الله الواقعي ، لا هو ولا غيره.
ولعله يريد به التصويب في الحكم الظاهري الذي هو بمعنى المعذورية.
صفحة غير معروفة
ويحكى أنه رحمهالله كان ورعا جليلا بارعا نبيلا ، كثير الخشوع غزير الدموع دائم الأنين باكي العينين ، وكان مؤيدا مسددا كيسا في دينه فطنا في أمور آخرته شديدا في ذات الله مجانبا لهواه مع ما كان عليه من الرئاسة وخضوع ملك عصره وأعوانه له ، فما زاده إقبالهم إليه إلا إدبارا ولا توجههم إلا فرارا ، فكان حريصا من الاقتراب الى السلطان ، وكثيرا ما كان يقول له : اعدل فإني أتخوف على نفسي من الارتباط معك فأدخل تحت قوله تعالى : (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار).
ولما رغب السلطان وقرر تزويج ابنته من ابن الميرزا القمي وهو الولد الذكر الوحيد له ، حاول الميرزا أن يكون حائلا من تحقق هذا الزواج خوفا منه على دين ابنه أن يستدرج الى البلاط الملكي فيورطونه في مظالمهم ، ولما كانت محاولاته تلك لم تفلح لأجل عزم السلطان وإصراره على ذلك ، مما جعل الميرزا يتضرع الى الله سبحانه وتعالى والطلب منه تعالى أن يقبض روح ابنه قبل التورط معهم ، وبعد اتمام الدعاء مات ابن الميرزا غريقا.
وفيما يحدث عن جده واجتهاده في تحصيله للعلم ، انه كان يضع على السراج طاسة أمامه ، فإذا غلبه النوم ووضع يده على الطاسة نام فقط بمقدار ما تسخن الطاسة ، بعد ذلك لا يطيق وضع يده عليها فينتبه.
ويظهر لي من خلال تتبعي لكلماته في «قوانينه» ونقله لكلمات الآخرين ، أنه كان حافظا لكثير من الأقوال استظهارا ، وفي أثناء تصنيفه للكتاب المذكور كان يذكرها فيقولها او يكتبها من دون أن يعود الى كتاب.
في تصانيفه :
منها : «القوانين المحكمة في الأصول» وفرغ منه في سنة 1205 كما في «الذريعة».
«حاشية في الأصول شرح على شرح المختصر» ، لأن الحاجب العضدي شرح تهذيب العلامة في الأصول.
«غنائم الأيام فيما يتعلق بالحلال والحرام» في الفقه الاستدلالي في قسم العبادات.
صفحة غير معروفة
«مناهج الأحكام» فقهي في الطهارة والصلاة وكثير من أبواب المعاملات.
«جامع الشتات في أجوبة المسائل» ويعبرون عنه بكتاب سؤال وجواب ، مرتب على أبواب الفقه ، وهو كتاب مهم ونفيس ومفيد لكل فقيه وأكثره (بالفارسية).
«معين الخواص» في فقه العبادات مختصر (بالعربية).
«مرشد العوام [العوالم] لتقليد أولي الأفهام» مختصر (بالفارسية).
«رسالة في الأصول الخمسة الاعتقادية والعقائد الحقة الاسلامية» (بالفارسية).
«رسالة في قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة».
«رسالة في جواز القضاء والتحليف بتقليد المجتهد».
«رسالة في عموم حرمة الربا لسائر عقود المعاوضات».
«رسالة في الفرائض والمواريث» (مبسوط).
«رسالة في حكم الغناء»
«رسالة في الطلاق».
«رسالة في الوقف».
«منظومة في المعاني والبيان».
«تعليقة على شرح جد والد صاحب «روضات الجنات» لعبارة شرح «اللمعة» في صلاة الجماعة».
«رسالة في الرد على الصوفية الغلاة».
«رسالة في الشروط الفاسدة في البيع».
صفحة غير معروفة
كتابة مفصلة ذات فوائد أرسلها من النجف الاشرف.
«مجموعة نصائح ومواعظ» (رسالة مفصلة الى فتحعلي شاه).
«حاشية على قوانين الأصول».
«ديوان شعر» بالفارسية والعربية يقارب خمسة آلاف بيت.
وقيل وجد بخطه ما يدل على أنه كتب أكثر من ألف رسالة في مسائل شتى من العلوم. وهناك رسائل كثيرة وقد طبعت بعضها أخيرا في خراسان بعد أن جمعت في مجلدات.
وبعد عمر طواه وأمضاه بالعبادة بالطاعة رحل الى رحمة الله تعالى في مدينة قم المقدسة عام 1231 ه. ق ، وأرخ في مادة تاريخية : (از اين جهان به جنان صاحب قوانين رفت) ودفن في مقبرة تعرف ب : (شيخان) قريب الحرم المطهر للسيدة فاطمة المعصومة عليهاالسلام وعلى آبائها الطاهرين.
صفحة غير معروفة
خطبة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
شرائع (2) الأحكام بمتابعة الكتاب وسنة الرسول ، وقفاهما (3) ببيان أهل الذكر
__________________
(1) ويسمى هذا الأسلوب في الابتداء ببراعة الاستهلال. والظاهر ان قصده بأصول الفروع علم أصول الفقه ، وبفروع الأصول فروع الدين كالصلاة والصيام والحج والزكاة وبقية الفروع وأحكامها التي تستفاد وتبنى من الأصول الاجتهادية كالكتاب والسنة والعقل والاجماع أو الاصول العملية كالبراءة والاستصحاب والاحتياط والتخيير.
(2) جمع شريعة ، والشرع مصدر جعل اسما لنهج الطريق الواضح فقيل له : شرع وشرع وشريعة. قال بعضهم : سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روي وتطهر. قال : وأعني بالري ما قال بعض الحكماء : كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله تعالى رويت بلا شرب. وبالتطهر ما قاله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.) وكان الأولى له أن يستشهد بغيرها لأن هذه الآية نزلت في أهل البيت عليهمالسلام دون غيرهم وتفيد عصمتهم من الذنوب ، ففي هذه الآية دلالة على ثبوت العصمة لهم ، وليس المراد بالتطهير إزالة النجاسة المحسوسة بالماء ونحوه. فلو استشهد القائل بقوله تعالى :(وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان). لكان أولى وأظهر. هذا والمقصود من شرائع الأحكام ما جاء في شريعة النبي الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم لا غيره من الأنبياء ، من الأحكام التكليفية كالواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح وكل ذلك بمتابعة الكتاب والسنة ، والباء في كلمة بمتابعة هي إما للسببية أو للاستعانة.
صفحة غير معروفة