فإنني آخذ بالقول عليه : بأن هذا الكتاب لا ريب أنه من أكبر الموسوعات العلمية الأصولية وواحد من مفاخر الإمامية وتراثهم ، ومن العيب والمخجل أن ننظر إليه بأدنى انتقاص ، علما بأنه لو أردنا حكم العلم والفضل لوجدنا بأنه إن لم يكن من الكتب الراجحة في هذا الفن ؛ فهو من أهم المصادر وأولاها وأهمها ، فله السبق والصدارة ، وهو من بين الكتب السابقة التي أسست للكتب اللاحقة ، وان التهافت في هذا العلم سبب من أسباب تجلي النظريات العلمية الصحيحة من السقيمة ، واعتقد ان لهذا المصنف أثرا في ذلك.
ويجدر القول بأن بحوث هذا الكتاب بمثابة دورة أصولية كاملة وعلى مبنى كاتبه ، ويبدو أنها ذات أهمية غير قليلة ، ولقوة الاستدلال فيها ولدقة بيانها ومبانيها يمكن أن يرتقي الانسان من خلالها ويتعلم على التدرج العلمي فيها وعلى طريقة الاستنباط منها ، بل وما جعلت متون دراسية من قبل إلا لتدريب الطالب وتفهيمه للوصول الى أمثال هذه المطالب.
واعتقد أن من لا يطالع «القوانين» قد لا يصل الى حظ واف من العلم أو يحرم من بعض المطالب معرفة وإحاطة أو قدرة على التصرف في بعض الأدلة العلمية وتفرعاتها.
ف : «القوانين» كتاب لا يستغنى عنه ولا تستقل بضاعته ، فعلى طلبة هذا العلم أن يقبلوا عليه ليتحقق عندهم الإقبال على هذا الفن ، وأن يستأنسوا به لكي يأنسوا فقها بطريقة الفقهاء.
فهذا الكتاب من أمهات مراجع علم الأصول ، وموسوعة شاملة لجميع مبانيه وكثير مسائله ، قلما لا تجده عند كل متخصص في هذا العلم ، ويكاد لا يستغنى عنه.
ولم أجد موسوعة أصولية طرحت جل مسائله وعالجت ما ذكره العامة والخاصة في كتبهم كمثله ، فهو من ناحية الشمولية أجاد ومن ناحية ثقل المادة أبدع ، ولئن نوقضت قليل من آرائه ورد على بعض أقواله لا يعني أن نتجاهله ونرميه بين زوايا الجدران ليصبح في النسيان.
فمع أن هناك بعض الآراء التي تعود له قد نسخت بعد الاستدلال على بطلانها وعدم وجاهتها ، وهذا لا يعني أنها مسخت ، فلأنها طرح علمي ، تبقى محلا للاستفادة ، وان ببطلان البعض لا يعني إلغاء الكل.
صفحة غير معروفة