وفي التدريب١: "يقال أثرت الحديث بمعنى رويته، ويسمى المحدث أثريًّا نسبة للأثر".
وقال الإمام تقي الدين بن تيميه في بعض فتاويه: "الحديث النبوي: هو عند الإطلاق ينصرف إلى ما حُدث به عنه ﷺ بعد النبوة، من قوله، وفعله، وإقراره، فإن سنته ثبتت من هذه الوجوه الثلاثة، فما قاله، إن كان خبرًا، وجب تصديقه به، وإن كان تشريعًا إيجابا أو تحريما أو إباحة وجب اتباعه فيه، فإن الآيات الدالة على نبوة الأنبياء، دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله ﷿ فلا يكون خبرهم إلا حقًّا، وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب، والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه". وقد رُوي أن عبد الله بن عمرو كان يكتب ما يسمع من النبي فقال له بعض الناس: "إن رسول الله ﷺ يتكلم في الغضب فلا تكتب كل ما تسمع". فسأل النبي عن ذلك فقال٢: "اكتب! فوالذي نفسي بيده ما خرج من بينهما إلا حق". يعني شفتيه الكريمتين وقد ثبت عن أبي هريرة أنه قال: "لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ﷺ أحفظ مني إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب بيده ويعي بقلبه، وكنت أعي بقلبي ولا أكتب بيدي". وكان عند آل عبد الله بن عمرو بن العاص نسخة كتبها عن النبي وبهذا طعن بعض الناس في حديث عمرو بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص وقالوا: "إن عنى جده الأدنى محمدًا، فهو مرسل فإنه لم يدرك النبي ﷺ وإن عنى جده الأعلى فهو منقطع فإن شعيبًا لم يدركه" وأما أئمة الإسلام، وجمهور العلماء فيحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا صح النقل إليه مثل مالك بن أنس وسفيان بن عيينة ونحوهما، ومثل الشافعي وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم قالوا: "الجد هو عبد الله
_________
١ ص٤.
٢ أخرجه أبو داود.
1 / 62