316

قواعد التحديث

الناشر

دار الكتب العلمية-بيروت

مكان النشر

لبنان

وأصحابه يرون أن عبد الله بن مسعود وأصحابه أثبت الناس في الفقة، كما قال علقمة لمسروق: هل أحد منهم أثبت من عبد الله؟ وقول أبي حنيفة ﵁ للأوزاعي: إبراهيم أفقه من سالم، ولولا فضل الصحبة لقلت إن علقمة أفقه من عبد الله بن عمر، وعبد الله هو عبد الله وأصل مذهبه فتاوي عبد الله بن مسعود، وقضايا علي ﵄ وفتاواه وقضايا شريح وغيره من قضاة الكوفة فجمع من ذلك ما يسره الله ثم صنع في آثارهم كما صنع أهل المدينة في آثار أهل المدينة، وخرج كما خرجوا فلخص له مسائل الفقه في كل باب باب، وكان سعيد بن المسيب لسان فقهاء المدينة، وكان أحفظهم لقضايا عمر، ولحديث أبي هريرة وإبراهيم لسان فقهاء الكوفة فإذا تكلما بشيء، ولم ينسباه إلى أحد فإنه في الأكثر منسوب إلى أحد من السلف صريحًا وإيماء، ونحو ذلك فاجتمع عليهما فقهاء بلدهما، وأخذوا عنهما، وعقلوه وخرجوا عليه والله أعلم.
٢٣- بيان أسباب اختلاف مذاهب الفقهاء:
قال الإمام ولي الله الدهلوي قدس سره في الحجة البالغة أيضًا تحت هذه الترجمة ما صورته١: "اعلم أن الله تعالى أنشأ بعد عصر التابعين نشئًا من حملة العلم، إنجازًا لما وعده رسول الله ﷺ حيث قال: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" ٢، فأخذوا عمن اجتمعوا معه صفة الوضوء والغسل والصلاة والحج والنكاح والبيوع وسائر ما يكثر وقوعه ورووا حديث النبي ﷺ وسمعوا قضايا قضاة البلدان، وفتاوي مفتيها وسألوا عن المسائل، واجتهدوا في ذلك كله ثم صاروا كبراء قوم ووسدوا إليهم الأمر فنسجوا على منوال شيوخهم، ولم يألوا في تتبع الإيماءات والاقتصاءات فقضوا، وأفتوا ورووا وعلموا وكان صنيع العلماء في هذه الطبقة متشابهًا، وحاصل صنيعهم أن يتمسك بالمسند من حديث رسول الله ﷺ والمرسل جميعًا ويستدل بأقوال

١ ص١١٥.
٢ رواه الحاكم في المستدرك وابن عساكر.

1 / 330