تتْلف رجلك بلسع. وكما قَالَ آخر: رَأَيْت كَأَنِّي آكل لَحْمًا من خمر، وَأَنا فِي غَايَة مَا يكون من الْجُوع، فَقلت لَهُ: تحْتَاج فتأكل لحم رخم. وكما قَالَ آخر: رَأَيْت كأنني وَقعت فِي الْجب الْمَعْمُول للسبح، فَقلت لَهُ: رُبمَا تقع فِي جب حبس. وكما قَالَ آخر: كأنني اشْتريت دلوًا، فَقلت لَهُ: ترزق ولدا. فَكَانَ الْجَمِيع كَمَا قلت. بِحَمْد الله تَعَالَى. وعَلى هَذَا فقس. قَالَ المُصَنّف: قد ذكرنَا الِاشْتِقَاق من أول الْكَلِمَة إِلَى أَن ذكرنَا فِي هَذَا الْفَصْل عكسًا من آخر الْكَلِمَة بِالْكِتَابَةِ إِلَى أَولهَا. كَمَا قَالَ لي إنسا: رَأَيْت كَأَن قِطْعَة لِيف من لِيف النّخل قد / أدمت يَدي، قلت لَهُ: نخشى عَلَيْك من الْفِيل. فَمَا مضى قَلِيل حَتَّى ضربه الْفِيل ضَرْبَة كَاد يهْلك مِنْهَا. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ يجمع حبرًا من بَحر فِي وعَاء، فَقلت لَهُ: يحصل لَك ربح من جليل الْقدر، وَرُبمَا يكون يعرف الْكِتَابَة. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كَأَنِّي أودع أَقْوَامًا، وهم الْآن غياب، قلت لَهُ: أبشر قد قرب مجيأهم. لِأَن عكس الْوَدَاع عَادوا. فَذكر أَنهم وصلوا عقيب مَا ذكرته. فَافْهَم جَمِيع مَا ذكرت فِي الِاشْتِقَاق طردًا وعكسًا موقفا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
[فصل: ١٣] الْفَصْل الثَّالِث عشر
[١٩] وَأما المعكوس الْخَفي. فَإِن الْبَحْر يدل على النَّار، وَالنَّار: تدل على الْبَحْر. والحجامة: كِتَابَة، وَالْكِتَابَة: حجامة. وَالْمُشْتَرِي: بَائِع، وَالْبَائِع: مُشْتَرِي. فعلى هَذَا إِذا رأى الْإِنْسَان كَأَنَّهُ دخل النَّار: رُبمَا سبح فِي الْبَحْر، فَإِن احْتَرَقَ: غرق، فَإِن مَشى على الصِّرَاط: ركب فِي مركب. كَمَا قَالَ لي
1 / 165