الاستحساني فيها أحسن وأقرب إلى مقاصد الشريعة في تحقيق العدالة ورفع الحرج أوجلب المصالح ودرء المفاسد(1) .
ولكن على الرغم من اعتبار التعريف الأول تعريفا صحيحا ليس من المناسب أن نضرب صفحا عن الرأي الآخر، وهو أن نصف القاعدة الفقهية بأنها: "قاعدة كلية" حسب المصطلح العام الذي قرره الجرجاني، ومال إليه العلامة السبكي في "الأشباه"، وأشار إليه صاحب منافع الدقايق في شرح مجامع الحقائق، فلا مانع أن نسير في نفس الاتجاه لوجوه كما يلي: 1 - إن القواعد في سائر العلوم لا تخلو عن الشواذ والمستثنيات، إنما الاختلافا اختلاف نسبة التفاوت فيما بينها؛ ثم إن تلك المستثنيات لا تغض من شأنها و لذلك تحفظ المستثنيات كما تحفظ الأصول، حتى يتم الموضوع من جميع الجوانب؛ لكن القواعد العقلية هي القواعد الوحيدة التي لا تقبل الاستثناء ولا تنخرم في حال من الأحوال.
2 - ثم هناك قواعد فقهية مثل القواعد الأساسية الخمس، فالمستثنيات فيها قليلة جدا . إذا ليس من اللازم أن نركز على صفة الأغلبية في التعريف.
3 - إن ما قاله بعض فقهاء المالكية بأن أكثر قواعد الفقه أغلبية، فيه دلالة على أن هناك قواعد يسيرة أقرب إلى صفة "الكلية" . وإن الحموي قد أشار إلى ذلك في قوله : "بأن القواعد الكلية : القواعد التي لم تدخل قاعدة منها تحت قاعدة أخرى، لا الكلية بمعنى الصدق على جميع الأفراد بحيث لا يخرج فرد"(2) .
4 - وأوجه ما يقال في التعليل لما نحن بصدده: إن هذه الكلية كلية نسبية لا شمولية لوجود الشذوذ في بعض "الماصدقات"(3) .
(2) غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر: 87/1 .
(3) الماصدق : يقصد به الفرد أو الأفراد التي ينطبق عليها اللفظ.
صفحة ٤٣