303

القواعد الفقهية : مفهومها، نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها

الناشر

دار القلم

تصانيف

وهذا ما استدل به الإمام عز الدين في "قواعده" في استنباط هذه القاعدة(1) .

وكذلك جميع ما وقع في صلح الحديبية من هذا القبيل من التزام تلك الشروط الصعبة التي ظاهرها ضرر وخفة على المسلمين، ولكن تبين لهم في النهاية أنها كانت عين المصلحة لهم وذريعة إلى الفوز بالفتح المبين.

وقد ساق الإمام عز الدين بن عبد السلام أمثلة متنوعة تتصل بهذه القاعدة يقول في بعض المواضع شرحا لهذه القاعدة : "النميمة مفسدة محرمة، لكنها جائزة أو مأمور بها، إذا اشتملت على مصلحة للمنموم إليه... ويدل على ذلك كله قوله عالى: (وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك...*(2) الآية، وكذلك ما نقله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المنافقين"(3) .

هذه نبذة من الأدلة من كتاب الله الكريم فيما يخص هذه القاعدة الجليلة وهناك جملة من الأحاديث النبوية الشريفة فيها إيحاء إلى هذه القاعدة؛ نكتفي هنا بقصة الأعرابي الذي بال في ناحية من المسجد، وتركه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشأنه، حتى فرغ . وإليك ما روى الإمام مسلم في صحيحه: 1 - "عن يحيى بن سعيد أنه سمع أنس بن مالك يذكر: أن أعرابيا قام إلى ناحية في المسجد، فبال فيها، فصاح به الناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعوه، فلما فرغ، آمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذنوب فصبت على بوله"(4).

2 - و"عن ثابت بن أنس أن أعرابيا بال في المسجد، فقام إليه بعض القوم، فقال

135/12، وابن القيم، زاد المعاد: 306/3.

(2) سورة القصص : الآية20.

(3) قواعد الأحكام: 114/1 -115، المثال السادس والأربعون .

(4) صحيح مسلم مع شرح النووي، (ط. بيروت : دار إحياء التراث العربي): 190/3.

316

صفحة ٣١٥