النبي، وصحبه وآله ما ذر شارق، وحن وامق، صلاة دائمة لا انقضاء لها في الآباد، وأدامها إلى أن تقوم الأشهاد.
وبعد: فأيها السالك: إن أردت التحقق بالعبودية، والخضوع لأحكام الربوبية، فعليك بالجلوس على بساط الصدق، ناظرا إلى مولاك وما انفرد به منها في عظمة شأنه، وقدس جلاله ناظرا - أيضا - إلى صفاتك الفانية اللائقة بك. ثم أفرد مولاك بما انفرد به من عظمة شأنه، وقدس صفاته، وتحقق أنت بصفاتك والزمها، ولا تتجاوزها، وانظر إلى صفاته، ثم إلى صفاتك راجعا إليه منها، فأول ذلك: أن تنظر إلى غناه عز وجل، فمتى حققت ذلك عرفت نفسك بالفقر، وعرفت مولاك بالغنى، فتبرأت من صفته التي لا تستحقها أنت، واتصفت حينئذ بصفتك الذاتية لك، وهي الفقر، فكنت بذلك لمولاك الغني عبدا.
وكذلك تنظر إلى قوته عز وجل، وتنظر إلى ضعفك، فمتى حققت ذلك عرفت نفسك بالضعف، وعرفت مولاك بالقوة، فتبرأت من صفته التي لا تستحقها أنت ، واتصفت حينئذ بصفتك الذاتية لك وهي الضعف، فكنت بذلك لمولاك القوي عبدا.
وكذلك تنظر إلى قدرته، وتنظر إلى عجزك، فتضيف القدرة إلى وليها، وتتبرأ أنت مما ليس لك، فتكون بذلك عبدا، وكذلك تنظر إلى عزته وتنظر إلى ذلك فتضيف العزة إلى وليها، وتتبرأ أنت مما ليس لك، وتتصف بصفتك اللازمة لك، وهي الذل، فتكون بذلك عبدا.
صفحة ٣١٨