من تعدى صفته إلى ما لا تستحقه من الصفات ، أبان عن جهله وحمقه، ومن وقف على ما يقتضيه حاله من صفاته وحدوده أنصف في عبوديته وحقه.
وكيف لا ? والعجز والضعف صفتاه، والفقر والذل حالتاه، قد اتصف ربه بأضدادهما من الصفات، من القدرة والقوة، والغنى والعزة، فمن أظهر إلى الله تعالى عجزه، وشكا إليه ضعفه وفقره، وتقمص ذله وكسره، فكأنه تسمى بأسمائه التي يستحقها، وتكنى بكناه التي بها ظهر للخليقة رقها، لأنهم مربوبون، وبعزة الربوبية مقهورون فذلك سيماء من عرف ربه فقدرها قدرها، وعرف ربه فقدره قدره.
قال الله تعالى : (وما قدروا الله حق قدره) .
وقد جاء في بعض الأخبار : أن الملائكة يقولون يوم القيامة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، وقد جاء في بعض الآثار: أن الله تعالى قال لداود عليه السلام : يا داود ، اعرفني واعرف نفسك قال: يا رب قد عرفت نفسي بالعجز والضعف والفناء، وعرفتك بالقدرة والقوة والبقاء، قال الله تعالى: يا داود الآن عرفتني، أو نحو ذلك.
فعلى العبد أن يلازم صفاته، ويعرف نفسه بها، ولا يتعداها فيكون من الجاهلين، وربما أداه ذلك إلى قلب الحقائق، فيكون من الفراعنة الملحدين ، نسأل الله أن يعصمنا من ذلك وإياكم أجمعين.
وقد جاء في الحديث: أسألك إيمانا يباشر قلبي، فعلامة من باشر الإيمان قلبه، وهو عبارة عن معرفته لربه سبحانه وتعالى، بأفعاله
صفحة ٤٢