قواعد في السلوك الى الله تعالى

ابن شيخ الحزامين ت. 711 هجري
160

قواعد في السلوك الى الله تعالى

تصانيف

إلى الأماكن الضيقة الحرجة الملوثة بأنجاس النفوس، وظلمات الطبائع والنحول? فيكون لسان حاله كما قيل: كانث لقلبي أهواء مفرقة فاستجمعت مذ رآك القلب اهوائي وفيها تصحيح التوبة والعقيدة والأعمال والأحوال القلبية؛ من التوكل والصبر والرضا، فيذوب في هذه بقاياه، ويصفو من كدره.

فإذا يسر الله تعالى وتوطن في هذه الدائرة الثانية المنورة العلوية، وكان مرادا بمقام من مقامات القرب، فيرزق مقام الطمأنينة، فتطمئن نفسه، ويسكن عن الخواطر، ويصير قلبا محضا، وناظرا إلى الآيات والأخبار، ويقوم بأحكام الصفات.

فعند ذلك تهيج روحه وتضطرب كما يهيج البحر ويلقي زبده، كذلك تهيج الروح وتلقي ما سوى الله تعالى كالزبد الذي يلقيه البحر ومهيج بالمحبة الخاصة؛ لما باشرها من سطوع أنوار الجلال والعظمة.

فعند ذلك يرجى له أن تدب فيه حميا المحبة الخاصة، الموجبة للسكرات، وهو الحب الخاص عن مكاشفة الأرواح بما لا يحل سطره في كتاب، ولا شرحه في خطاب، اللهم إلا على سبيل الإجمال، كي يعرف المريد طريقه وغايتها.

وعند ذلك يتنزل عليها الفيض الخاص المغني له عما سواه، ويصطلي بحرارة الروح، ويصير واجدا بعد أن كان عارفا مشاهدا ببصيرة القلب في الدائرة الثانية.

صفحة ١٨٢