بالفناء عن الوجود المضمحل، والبقاء بالوجود الحقيقي الكابس لوجودهم الذي هو كالخيال والظلال، فحينئذ لا يفرقه إلا ما يتلون العبد به من ثقل الحال في أشياء يعود نفعها خصوصا وعموما وبالله المستعان.
فصل
من فتح الله على قلبه بالمحبة الخاصة الملهية للروح عن مشاهده في ظهور الفناء، ثم عن وجود في طور البقاء ، المقارنة للقرب الماحي لما سواه ، بحيث يرى المحب شاهد المحبة من محبة الحق له، ونظره إليه، وعنايته به، فهو به في محبته التي هي محبته، كما قال تعالى : (يحبهم ويحبونه ) .
فعليه أن يستعين بالله، ويستجير به الليل والنهار أن يحفظ عليه ما أولاه، ولا يمتحنه بشيء يستر هذا الحال عن قلبه.
فالأسباب التي يخاف منها : حب الاجتماع، واتحاد الأصدقاء واشتغال القلب بهم وبخدمتهم، والقيام بمصالحهم، والاهتمام بالتزوج والعيال، والرجوع إلى الكسب، ومجالسة الثقلاء المغايرين ، الذين لا يطلبون ما يطلب الصادقون، ومحبة صورة للطافة طبعها أو حسن تركيبها، بحيث يسكن ذلك في القلب فمثل هذه الأشياء حاجبة قاطعة ساترة لهذا الحال الإلهي الشريف.
صفحة ١٧٠