ثم أخبر سبحانه بحال من سارع فيهم، ودل بما في قلوبهم من المرض عليهم، فقال :{فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دآئرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين} [المائدة:56]. فأبان سبحانه أن ولايتهم كانت لهم ليست إلا لخوف الدوائر، وأن ذلك لم يكن منهم لهم إلا لما في نفوسهم من مرض الضمائر. فمتى ما وجد لهم أحد ممن يدعي الاسلام متوليا، لم يكن في الدين أبدا كما قال الله إلا مريضا قلبه دويا، ومتى ما كان قلب من يدعي الاسلام مريضا مدخولا، كان لما قطع الله من ولايتهم وصولا، وفي كون كل واحد منهما كون صاحبه، وكل سبب من الأمرين فموصول بأسبابه، فلا يوالي من أشرك بالله أبدا إلا من مرض في الدنيا قلبه بالشك، ولا يمرض قلب امرئ أبدا في دينه ويقينه إلا لم يبال من والى من أهل الكفر بالله والشرك.
وفي ذلك ما يقول الله سبحانه :{لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أوأبناءهم أوإخوانهم أوعشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله إلا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة:22].
وقال تبارك وتعالى فيما حرم من مناكحتهم :{يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولاهم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة:10].
صفحة ١٧٢