قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
الناشر
دار الفضيلة،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
النَّبِيَّ ﷺ على المنبر، والحسن إلى جنبه، يَنظرُ إلى الناس مرَّة وإليه مرَّة، ويقول: "ابْنِي هذا سيِّد، ولعلَّ اللهَ أن يُصلحَ به بين فئتَين من المسلمين" رواه البخاري (٣٧٤٦) .
وقد وقع ما أخبرَ به الرسول ﷺ في عام (٤١هـ) حيث اجتمعت كلمةُ المسلمين، وسُمِّي عام الجماعة، والصحابةُ ﵃ وأرضاهم فَهموا من هذا الحديث أنَّ الحسن ﵁ لن يموتَ صغيرًا، وأنَّه سيعيش حتى يحصل ما أخبر به الرسول ﷺ من الصُّلح، وهو شيءٌ مقدَّرٌ، علم الصحابةُ به قبل وقوعه.
٥ قوله: "والإيمانُ بالقَدَرِ خَيْرِه وشَرِّه، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وكلُّ ذلك قَد قَدَّرَهُ اللهُ رَبُّنا" جاء في حديث جبريل: "وأن تؤمن بالقَدر خيره وشرِّه"، والله سبحانه خالقُ كلِّ شيء ومُقدِّرُه، قال الله ﷿: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ فكلُّ ما هو كائنٌ من خير وشرٍّ هو بقضاء الله وقدره، ومشيئته وإرادته، وأمَّا ما جاء في حديث عليٍّ ﵁ في دعاء النَّبِيِّ ﷺ الطويل وفيه: "والخير كلُّه في يديك، والشرُّ ليس إليك" رواه مسلم (٧٧١)، فلا يدلُّ على أنَّ الشَّرَّ لا يقع بقضائه وخلقه، وإنَّما معناه أنَّ اللهَ لا يخلقُ شَرًّا محضًا لا يكون لحكمة، ولا يترتَّب عليه فائدةٌ بوجه من الوجوه، وأيضًا الشرُّ لا يُضاف إليه استقلالًا، بل يكون داخلًا تحت عمومٍ، كما قال الله ﷿: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾، فيُتأدَّب مع الله بعدم نسبة الشرِّ وحده إلى الله، ولهذا جاء فيما ذكره الله عن الجنِّ تأدُّبُهم بنسبة الخير إليه، وذكر الشرِّ على البناء للمجهول، قال الله ﷿: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ .
1 / 100