قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
الناشر
دار الفضيلة،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الثانية: كتابةُ كلِّ ما هو كائنٌ في اللَّوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، لقوله ﷺ: "كتب اللهُ مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلقَ اللهُ السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال: وعرشُه على الماء" رواه مسلم (٢٦٥٣) من حديث عبد الله بن عمرو ﵄.
الثالثة: مشيئةُ الله وإرادتُه، فإنَّ كلَّ ما هو كائنٌ إنَّما حصل بمشيئة الله، ولا يقع في ملك الله إلاَّ ما أراده الله، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال اللهُ ﷿: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، وقال: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
الرابعة: إيجاد كلّ ما هو كائنٌ وخَلْقُه بمشيئة الله، وفقًا لما علِمَه أزَلًا وكتبه في اللَّوح المحفوظ؛ فإنَّ كلَّ ما هو كائنٌ من ذوات وأفعال هو بخلْق الله وإيجاده، كما قال الله ﷿: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾
٤ ما قدَّره الله وقضاه وكتَبَه في اللَّوح المحفوظ هو من الغيب الذي لا يعلمه إلاَّ الله، ويُمكن أن يَعلَم الخلقُ ما هو مُقدَّرٌ بأحد أمرَين:
الأمر الأول: الوقوع، فإذا وقع شيءٌ عُلم بأنَّه مُقدَّر؛ لأنَّه لو لم يُقدَّر لَم يَقع، فإنَّه ما شاء الله كان وما لَم يشأ لَم يكن.
الثاني: حصولُ الإخبار من رسول الله ﷺ عن أمور تقع في المستقبل، مثل إخباره عن الدَّجَّال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى بن مريم، وغيرها من الأمور التي تقع في آخر الزمان، فهذه الأخبارُ تدلُّ على أنَّ هذه الأمور لا بدَّ أن تقع، وأنَّه سبق بها قضاءُ الله وقدَرُه، ومثل إخباره عن أمور تقع قرب زمانه ﷺ، ومن ذلك ما جاء في حديث أبي بَكرة ﵁ قال: سمعتُ
1 / 99