قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
الناشر
دار الفضيلة،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ في الأعراف ويونس والرعد والفرقان والسجدة والحديد.
ومعنى ﴿اسْتَوَى﴾ عند السلف: ارتفع وعلاَ، وأمَّا المتكلِّمون فيؤوِّلون ﴿اسْتَوَى﴾ بمعنى استولى، وهو باطل، قال أبو الحسن الأشعري – ﵀ – في كتابه الإبانة (ص: ٨٦): "وقد قال قائلون من المعتزلة والجهميّة والحرورية: إنَّ قول الله ﷿: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ أنَّه استولى ومَلَكَ وقَهَر، وأنَّ الله ﷿ في كلِّ مكان، وجَحَدوا أن يكون اللهُ ﷿ على عرشه كما قال أهلُ الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القُدرة، ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة؛ فالله سبحانه قادرٌ عليها وعلى الحُشوش وعلى كلِّ ما في العالَم، فلو كان اللهُ مستويًا على العرش بمعنى الاستيلاء وهو ﷿ مُستوٍ على الأشياء كلِّها لكان مستويًا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقْذار؛ لأنَّه قادرٌ على الأشياء، مُستولٍ عليها، وإذا كان قادرًا على الأشياء كلِّها ولَم يَجُز عند أحد من المسلمين أن يقول: إنَّ اللهَ ﷿ مستوٍ على الحشوش والأخْلِيَة، لَم يَجُزْ أن يكون الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلِّها، ووجب أن يكون معناه استواء يختصُّ العرش دون الأشياء كلِّها".
وقد بيَّن ابن القيم بطلانَ تفسير الاستواء بالاستيلاء من اثنين وأربعين وجهًا في كتابه الصواعق المرسلة كما في مختصره لمحمد بن الموصلي (٢/١٢٦ ١٥٢) .
ولَمَّا قال ابن أبي زيد – ﵀ –: "على العرش استوى"، قال
1 / 80