قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
الناشر
دار الفضيلة،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وهذه الآيةُ أصلٌ في عقيدة أهل السُّنَّة في الأسماء والصفات، وهي الإثبات مع التنْزيه، بخلاف المشبِّهة، فإنَّ عندهم الإثبات مع التشبيه، وبخلاف المعطِّلة، فإنَّ عندهم التنْزيه مع التعطيل، وأهل السُّنَّة أثبتوا الصفات، ونَزَّهوها عن مشابهة المخلوقات.
وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ إثباتٌ لاسْمَي السَّميع والبصير، وهما يدلاَّن على إثبات صفتَي السَّمع والبصر.
وقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ يدلُّ على التنْزيه، أي: أنَّه له سمعٌ لا كالأسماع، وبصرٌ لا كالأبصار.
وقال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾، قال ابن كثير ﵀: "قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هل تعلمُ للرَّبِّ مثلًا أو شبيهًا، وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جُبير وقتادة وابن جريج وغيرُهم".
وقال الله تعالَى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ والكفو هو المِثلُ والنَّظير، قال القرطبيُّ في تفسيره (٢٠/٢٤٦): "لم يكن له شبيهٌ ولا عدل، ليس كمثله شيء".
وكلمة ﴿أَحَدٌ﴾ جاءت في سياق النفي، فتكون عامةً في نفي كلِّ شبيه أو مثيل، وما جاء في تفسير ابن كثير من تفسير هذه الكلمة بالزَّوجة هو من قبيل التفسير بالمثال، وهذه الجملة من السورة مؤكِّدةٌ لِما تقدَّم من الجُمل، ولا سيما الجملة الأولى، فهو ﷾ أحدٌ، ولا يكون أحدٌ كفوًا له.
وقوله: "ولا وَلَدَ له، ولا وَالِدَ له، ولا صاحبةَ له" الصاحبةُ هي الزوجة، وقد جاء في القرآن نفي الولد والوالد والصاحبة عن الله ﷿،
1 / 62