قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
الناشر
دار الفضيلة،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
مثقال حبَّة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيُخرَجون منها حُمَمًا قد امتُحشوا، فيُلْقَون في نهر الحياة أو الحيا، فيَنبتُون فيه كما تنبُت الحبَّة إلى جانب السَّيل، ألَم تروها كيف تخرج صفراء مُلتوية؟ " رواه البخاري (٢٢) ومسلم (٣٠٤) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁.
وقال رسول الله ﷺ: "لكلِّ نَبِيٍّ دعوةٌ مستجابة، فتعجَّلَ كلُّ نَبِيٍّ دعوتَه، وإنِّي اختبأتُ دعوتِي شفاعة لأمَّتِي يوم القيامة، فهي نائلةٌ إن شاء الله مَن مات من أمَّتِي لا يُشرك بالله شيئًا" رواه البخاري (٦٣٠٤)، ومسلم (٣٣٨) واللفظ له من حديث أبي هريرة ﵁.
وأحاديثُ الشفاعة في خروج العُصاة من النار متواترةٌ، وأمَّا ما جاء من ذكر الخلود في النار لبعض العُصاة، كما في قوله ﷾: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾، وكما في قوله ﷺ: "مَن تردَّى من جبل فقتل نفسَه فهو في نار جهنَّم يتردَّى فيها خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا، ومن تَحسَّى سُمًّا فقتلَ نفسَه، فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنَّم خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا، ومَن قتل نفسَه بحديدة، فحديدتُه في يده يَجأُ بها في بطنه في نار جهنَّم خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا" رواه البخاري (٥٧٧٨) ومسلم (١٧٥) من حديث أبي هريرة ﵁، فإنَّ ذلك الخلودَ خلودٌ نسبِيٌّ، يُرادُ به طول البقاء، لكنَّه ليس كخلود الكفَّار الذين يبقون في النار إلى غير نهاية؛ لأنَّ كلَّ ذنب دون الشِّرك تحت مشيئة الله، كما قال الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ .
1 / 124