كمال في انزعاج: ماذا تعني؟
فقال إسماعيل بلهجة تعمد أن تشي بسكره أكثر من الواقع: أعني أنك تحب عايدة.
رباه كيف افتضح سره. - أنت سكران. - هي الحقيقة، والجميع يعرفونها.
هتف وهو يحملق صوبه في الظلام: ماذا تقول؟ - أقول: إنها الحقيقة ، والجميع يعرفونها. - الجميع؟ من هم؟ من افترى هذا علي؟ - عايدة. - عايدة؟ - عايدة هي التي أذاعت سرك. - عايدة؟ لا أصدق هذا، أنت سكران. - نعم أنا سكران، ولكن هذه هي الحقيقة أيضا، من فضائل السكران أنه لا يكذب ... (ثم بعد ضحكة رقيقة) ... هل أغضبك هذا؟ عايدة كما تعلم شابة لطيفة، طالما لفتت الأنظار سرا إلى عينيك المغرمتين وأنت لا تدري، لا بدافع السخرية، ولكن لأنها تتيه دلالا بالمغرمين، وقد كاشفت حسن أول الأمر فوجه حسن نظري إليك مرات، ثم أفضى بالسر إلى حسين، بل علمت أن سنية هانم سمعت عن العاشق الولهان كما كانوا يدعونك، وغير مستبعد أن يكون الخدم قد استرقوا السمع إلى ما دار عنك بين سادتهم، فالكل يعرف قصة العاشق الولهان.
شعر بخور، وخيل إليه أن الأقدام المتحركة تطأ كرامته بقسوة، فانطبقت شفتاه على حزن مرير، أهكذا يبعثر السر المصون. وعاد الآخر يقول: لا تتأثر، كان الأمر كله دعابة بريئة صدرت عن قلوب تكن لك الود، حتى عايدة لم تذع سرك إلا بدافع المباهاة! - توهمت فانخدعت!
فقال إسماعيل ضاحكا: إنكار حبك عبث كإنكار الشمس في رابعة النهار.
صمت كمال صمتا مليئا بالشجن والاستسلام، وفجأة تساءل: ماذا قال حسين؟
ارتفع صوت إسماعيل وهو يقول: حسين؟ إنه صديقك الأمين، طالما أعلن عدم ارتياحه لأسلوب أخته البريء، وكان يجيبها منوها بمزاياك؟
تنهد في ارتياح، إذا كان في الحب قد خاب أمله، فقد بقيت له الصداقة، آه كيف يسعه أن يدخل سراي آل شداد بعد الليلة؟
وقال إسماعيل بلهجة جدية كأنما يشجع صاحبه على مواجهة الموقف: كانت عايدة في حكم المخطوبة لحسن من قبل إعلان الخطوبة بأعوام، ثم إنها أكبر منك سنا، وهذه العواطف تنسى عقب النوم، فلا تهتم ولا تحزن.
صفحة غير معروفة