وقبل أن يتمادى بهم النقاش، دخل أحمد وهو يقول: أنا آسف أيها الرفاق تأخرت مرغما.
وسارع فوزي قائلا : لا بأس يا أحم ... يا رفيق صالح، آن لنا أن نسمع إلى الرفيق زكي، أيسمح حضرة المسئول بأن يطلب إليه الكلام.
ووقف في صدر القاعة شاب قصير القامة، يضع على عينيه نظارة سوداء قاتمة، وتكاد النظارة تخفي خديه الغائرين اللذين يحيطان بفم دقيق، فيه صرامة، وفيه احتقار لكل شيء، وفيه حقد على كل شيء.
ذاك هو المسئول، وهو رئيس هذه الخلية، وقف فلم يزد على أن قال: الرفيق زكي يتفضل.
ولكن أحدا لم يتقدم.
فقال المسئول مرة أخرى: الرفيق زكي.
فامتدت أيد كثيرة إلى ذراع شاب طويل القامة، أشهب اللون، مشدود جلد الوجه، جامد القسمات، فقام في تؤدة قائلا: أيها الإخوان، إن اسمي فؤاد زين العابدين.
فثارت في القاعة ضجة كبيرة، ودق المسئول النضد الذي أمامه بعنف وقال: ننبه الرفيق زكي أنه يفشي سرا ما كان له أن يبوح به.
فاستأنف فؤاد حديثه وكأنه لم يسمع شيئا: إن اسمي هو فؤاد زين العابدين، وكلكم يعرف ذلك، وقد قصدت أن أجيء اليوم إليكم لأكشف عن عيونكم عصابة من الجهل، أنتم في خطر ...
وثارت الضجة مرة أخرى، وقال المسئول بعد أن دق النضدة: إذا كانت السلطات الغاشمة تبحث عنا، فليس للرفيق أن يفضي بهذا للرفاق، وإنما كان عليه أن يبلغني أنا لأبلغ المحترف ونتلقى منه الأوامر.
صفحة غير معروفة