Dr. Gerorge Thomson
من أصحاب جائزة نوبل في العلوم من فصل بعنوان: الفكر الصناعي والطبيعي في كتاب المستقبل المكشوف
The Foreseeable Future :
من السائغ أن نترقب زمنا تحل فيه المعرفة الحقة بعمل الدماغ محل هذه المعرفة المترددة، وأصعب من ذلك أن نقدر أثر هذه المعرفة في الحياة الإنسانية، وأتكلم عما أعلم فأرى أن قليلا من المعرفة السطحية قد ارتفعت ارتفاعا عظيما بإعجابي وتقديري للإنسانية، فإن هذه المكنة المعقدة التي نملكها جميعا - أو التي هي نحن أن شئت - بما احتوته من دقائق تبلغ عشرة آلاف الملايين، وبما بينها من خيوط الاشتباك في العمل لتفوق كل حد ترتقي إليه أية صنعة نقدر عليها، وتخالف كل ما نعهده من هذه الكائنات التي ندرسها نحن الطبيعيين مخالفة الصور في طلاء الجدران للبلورات الحقيقية.
ثم قال: إن عرفاننا كيف نشعر قد يكون أعظم أثرا في أعمالنا من عرفاننا كيف نفكر ونتصور، وقد يدهشنا كيف يمكن أن نبقي نوازع العصبية الجامحة بعد العلم - من الوجهة الكهربية - بمجراها الذي جرت عليه عند تكوينها.
لننظر إلى الفكاهة مثل هذه النظرة، فإنما النكتة - كما هو ظاهر - مسألة انطلاق تيار أو إفلات مجموعة من الدوافع المتناقضة لنتخذ لها نسقا آخر، فهل تبقى فيها أعجوبتها إذا علمنا بهذا النسق الآخر: ما هو وكيف يكون؟ إنني لأرجو ذلك حقا، فلا ينقص من متعتنا بالمسرحية أو القصة علمنا بأنها مؤلفة، ولعل الأمور التي يجب على الناس أن يكبروا من خطرها هي التي تصاب أشد المصاب من جراء ذلك، فإن المبادئ ليعسر الثبات عليها بعد العلم بأنها أشبه شيء بالدورة الكهربية، وقد ينجم من ثمة ضرر على الخصوص لتلك العقول - غير القليلة - التي يخيل إليها أن الرجوع بأصول الإنسان إلى أصول الإحياء الدنيا يغض من كرامة البشرية، وإنه لمن المهم عند من يحرصون على استبقاء المبادئ - وليس منا من لا يحرص عليها - أن يوطنوا أنفسهم على ما يكون من هذه الحقيقة، وأن يتعلموا كيف يحافظون على ما نشعر الآن أنه جدير بالمحافظة عليه، وإن تبدلت منه الصورة دون الجوهر، وإنه لمن الخطأ أن يرد على الخاطر أن العلم والقيم شيئان مختلفان لا يؤثر أحدهما على الآخر، فإن الكون الذي يحيط بأفكارنا وأحاسيسنا واحد، وليس فيه جزء ينفصل كل الانفصال عن سائر أجزائه. •••
إلى هذا الأمد يمتد الأمل في التعليم والصناعة، وتتعدد الآمال فتتفق ولا تتفق، ولكنها على الحالين لا ينتفي منها الأمل في انتفاع الفكر بالصناعة، وانتفاع الصناعة بالتفكير .
الفصل الثالث
الفضاء
كان السؤال الشائع بين المشغولين بأمر الطيران في مطلع القرن العشرين: هل من الممكن أن يطير في الفضاء جسم أثقل من الهواء؟
صفحة غير معروفة