قانون التأويل
محقق
محمد السليماني
الناشر
دار القبلة للثقافة الإسلامية ومؤسسة علوم القرآن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هجري
مكان النشر
جدة وبيروت
إلاَّ بانعكاس الشعاع فهذا أيضًا انعكاس في انعكاس، فكيف التقيا على خط وانحرفا في زاوية؟ (١).
أما قول الغزالي بقوة النفس التأثيرية الموجدة، فقد تعجب ابن العربي من هذا القول فقال:
"سبحان الله! لقد (٢) أخذنا عنك في كل كتاب، وقيدنا على كل باب أن الله منفرد بالِإيجاد، متوحد بالاستبداد وأن ما سواه لا ينسب إليه فعل ولا يناط به حادث (٣) .. فالآن ترد التأثير إلى النفس، هيهات، ... فإن قلت أن النفس تؤثر ذلك عند تعلق القصد منها إليه، قلنا هذا فاسد من ثلاثة أوجه:
الأول: أن هذا مما يجب أن يثبت أولًا مشاهدة أو بخبر صدق يوجب العلم، وحينئذ تنسبه إلى الله إيجادًا بالقدرة الأزلية في الأصل، وتجعل النفس وما تعلقت به محلًا لمجاري مخلوقات الله.
الثاني: إنه وإن انكشفت له المعلومات، واتضحت له المعقولات واستبصر بالحقائق والكائنات، فليس في قوة القلب تأثير في الإِيجاد. وإنما غايته الِإدراك والكشف، فأما تعديه إلى الِإيجاد فلا يصح بحال.
الثالث: إن قلت وجدناه بالتجربة فهذا عمر قد قال: يا سارية الجبل (٤) ... قلنا: هذا الآن قول في كرامة الأولياء، وهي أصل الدين وعمدة من عمد المسلمين، لا ينكرها إلاَّ جاهل. اتفق عليها العلماء (٥)، واختلفوا
(١) العواصم من القواصم: ٤٤.
(٢) في العواصم: هل.
(٣) بمعنى أن الله خالق كل شيء حقيقة ومن بينها أفعال العباد؛ لأنه خالق الأسباب ومسبباتها، وهو الذي أودع الأسباب قوة التأثير في مسبباتها.
(٤) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة ٣/ ٢١٠، ٢١١ من طريق حرملة عن ابن وهب ومن ثلاثة طرق أخرى كما أورده السيوطي في الخصائص الكبرى: ٢/ ٢٨٥ وابن الجوزي في تاريخ عمر: ١٩٦.
(٥) العواصم من القواصم: ٤٨.
1 / 347