القناعة في ما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة
محقق
د. محمد بن عبد الوهاب العقيل
الناشر
مكتبة أضواء السلف
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= يلبس عليهم دينهم ويزعمون أنه الخضر، وهم جهال ليس عندهم علم؛ ولذلك تلاعب بهم الشيطان.
أما قول ابن الصلاح ﵀: (هو حي عند جماهير العلماء) فغير مسلم، بل إن جماهير العلماء على خلافه كما أذكره لك بعد قليل إن شاء الله.
وقوله: (والعامة معهم في ذلك)، فهذا والله من العجائب، فلم نسمع بمسألة في كتب العقائد أو كتب الفقه اعتبر فيها قول العامة دليلًا، وأنا أظن أن العبارة مقلوبة إذ القول بحياة الخضر هو قول العامة من جهلة الصوفية، وقد قلدهم بذلك بعض العلماء ولا حول ولا قوة إلا بالله.
القول الثاني: القول بموت الخضر ﵇ قبل النبي ﷺ قطعًا.
قال ابن الجوزي: (والدليل على أن الخضر ليس بباق في الدنيا أربعة أشياء: القرآن، السنة، إجماع المحققين من العلماء) (وليس الصوفية)، والمعقول.
أما القرآن: فقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ [الأنبياء: ٣٤]، فلو دام الخضر كان خالدًا.
وأما السنة: قوله ﷺ: "أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على ظهر الأرض ممن هو عليها أحد" رواه البخاري: (١/ ٢١١ - مع الفتح)، ومسلم: (رقم ٢٥٣٧) من حديث ابن عمر.
وفي "صحيح مسلم" عن جابر بن عبد الله ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ قبل موته بقليل -: "ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذ حية". "مسلم": (رقم ٢٥٣٨).
وأما إجماع المسلمين: فهو قول البخاري وعلي بن موسى الرضا وإبراهيم بن إسحاق الحربي وأبي الحسين بن المنادي والقاضي أبي يعلى وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن الجوزي وابن كثير ﵏ جميعًا.
قال - أي: ابن الجوزي -: (وأما الدليل من المعقول فمن عشرة أوجه فذكرها ومنها:
١ - أن غاية ما يتمسك به من ذهب إلى حياته حكايات منقولة يخبر بها: أنه رأى الخضر - فيا للعجب - هل للخضر علامة يعرفه بها من رآه؟ وكثير من هؤلاء يغتر بقوله: أنا الخضر، ومعلوم أنه لا يجوز تصديق قائل ذلك بلا برهان من الله، فأين للرآئي أن الخبر له صادق.
٢ - أن الخضر فارق موسى بن عمران كليم الرحمن فكيف يرضى لنفسه بمفارقته لموسى ثم يجتمع بجهله العباد الخارجين عن الشريعة الذين لا يحضرون جمعة ولا جماعة ولا مجلس علم ولا يعرفون شيئًا، وكل منهم يقول قال الخضر.
٣ - أنه لو كان حيًّا لكان جهاده الكفار ورباطه في سبيل الله ومقامه في الصف ساعة وحضوره الجمعة والجماعة وتعليمه العلم أفضل بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار والفلوات وهل هذا إلا من أعظم الطعن عليه والعيب له. اهـ. من كتاب "المنار المنيف" لابن القيم: (ص ٦٨ - ٧٤) باختصار.
وقال ابن كثير ﵀: (قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسن الفراء الحنبلي: سئل بعض أصحابنا عن الخضر هل مات؟ فقال: نعم ... واحتج بأنه لو كان حيًّا لجاء إلى رسول الله ﷺ.
1 / 32