باستخلاص استنتاجات خاطئة من مبدأ معترف بصحته. على سبيل المثال، يسأل عبد إن كان سيده في غرفته أم لا من قبل أشخاص يشتبه أنهم يريدون قتل سيده؛ إن كان أحمق بما يكفي حتى يخبرهم الحقيقة بحجة أنه على المرء ألا يكذب، فمن الواضح أنه سيستخلص نتيجة خرقاء من مبدأ صحيح تماما.
إن القاضي الذي يدين شخصا قتل من أراد اغتياله لأن قتل النفس حرام، قاض غير عادل بقدر ما كان ضيق الفكر.
قسمت حالات مشابهة عدة إلى ألف تدريج مختلف. العقل الجيد، والعقل العادل هو الذي يميز بينها؛ ينبثق من ذلك أن المرء رأى كثيرا من الأحكام الجائرة، لا لأن قلوب القضاة شريرة؛ لكن لأنهم ليسوا مستنيرين بما يكفي.
الوطن
تباهى يوما خباز أجير بحب وطنه، وكان قد درس بالكلية ولم يزل حافظا قليلا من عبارات شيشرون. وسأله ذات مرة أحد جيرانه: «ماذا تعني بوطنك؟ أهو فرنك؟ أهي القرية التي ولدت فيها ولم ترها منذ ذلك الوقت؟ أهو الشارع الذي سكن فيه أبوك وأمك اللذان قضيا نحبيهما وجعلاك تكتفي بصنع فطائر صغيرة من أجل العيش؟ أهي دار البلدية حيث لن تصبح أبدا مساعد مدير الشرطة هناك؟ أهي كنيسة سيدتنا العذراء حيث لم تستطع أبدا أن تصبح أحد الجوقة المرنمين بينما وصل رجل سخيف إلى منصب رئيس الأساقفة وأصبح دوقا يتقاضى دخلا يصل إلى عشرين ألف لويس ذهبي؟»
لم يدر الخباز الأجير بم يجيب. استنتج أحد المفكرين الذي كان يستمع إلى تلك المحادثة أن داخل الوطن، بصورة ما، دائما ما كان يوجد آلاف الناس بلا وطن.
أيها الباريسي العاشق للمتعة، الذي لم يسبق لك أن ترحل رحلة كبيرة إلا إلى دييب لتتناول السمك الطازج؛ أنت يا من لا تعلم شيئا سوى منزلك الأنيق بالمدينة، ومنزلك الريفي الجميل، ومكانك بتلك الأوبرا، بينما تظل بقية أوروبا تعاني الملل؛ يا من تتكلم بلغتك بتناغم كاف لأنك لا تعرف غيرها؛ أنت تحب ذلك كله، وتحب أيضا الفتيات اللاتي تنفق عليهن، والشمبانيا التي تأتي إليك من رانس، والأرباح التي يدفعها إليك فندق دو فيي كل ستة شهور، ثم تقول إنك تحب وطنك!
أيمكن تحت أي ظرف أن يحب المرابي وطنه بحرارة؟
والضابط والجندي اللذان لو تركا لنهبا مقراتهما الشتوية، أيشعران بحب دافئ للفلاحين الذين يقتلونهم؟
أين كان وطن دوق جويز؟ أكان في نانسي ، أم باريس، أم مدريد، أم روما؟
صفحة غير معروفة