أما غريبة:
تستعمل أما هنا بمعنى هذه أو تلك وكذلك تأكيد الغرابة، وتستعمل أما بهذه المعاني في مواضع كثيرة، فيقولون: أما حاجة كويسة، وأما حاجة وحشة، وهكذا.
الأمثال:
الأمثال نوع من أنواع الأدب، يمتاز بإيجاز اللفظ وحسن المعنى ولطف التشبيه وجودة الكناية، ولا تكاد تخلو منها أمة من الأمم، ومزية الأمثال أنها تنبع من كل طبقات الشعب، وليست في ذلك كالشعر والنثر الفني إنهما لا ينبعان إلا من الطبقة الأرستقراطية في الأدب، فالعجائز في البيوت تؤلف الأمثال وطبقة الفلاحين ينبع منها أمثال وكذلك طبقات الصناع والتجار وغيرهم.
وأمثال كل أمة مصدر هام جدا للمؤرخ والأخلاقي والاجتماعي يستطيعون منها أن يعرفوا كثيرا من أخلاق الأمة وعاداتها وعقليتها ونظرتها إلى الحياة؛ لأن الأمثال عادة وليدة البيئة التي نشأت عنها، فالعربي البدوي في الصحراء نجد أمثاله مشتقة من عيشته من جمال وخيام وأرض وجدب وخصب ومطر ونحو ذلك، والذين يسكنون السواحل يشتقون أمثالهم من البحر والسفن والصيد والسمك ونحو ذلك.
كما نستطيع أن نفهم من الأمثال مبلغ إدراك الأمة للأشياء، وما تثيره في أنفسهم من معان، ومبلغ ذوقهم في التشبيه واقتدارهم على انتزاع وجوه الشبه بين المشبه والمشبه به.
كما أنها تدل على ما يستحسنه الشعب وما يستقبحه أو على الأقل ما تستحسنه الطبقة التي نبع منها المثال وما تستقبحه، فيستطيع الباحث في أمثال أمه أن يعرف ما الذي تكرهه وما الذي تحبه، وما الذي تكبره وما الذي تحتقره، كما يستطيع أن يعرف منها مقدار تقديرها للأخلاق من كرم وبخل واقتصاد وإسراف وخيانة وأمانة وغدر ووفاء وحرية وعبودية.
كما يستطيع أن يعرف منها مقدار تدينها وعدم تدينها، وما هي الروابط التي بين الشخص وبين أسرته وبينه وبين أصدقائه وبينه وبين أمته إلخ ...
فإذا جمعنا - مثلا - الأمثال المصرية التي قيلت في المرأة أمكننا أن نعرف منها نظرتهم إلى المرأة، وإذا جمعنا الأمثال المالية أمكنا أن نعرف منها نظرتهم الاقتصادية وهكذا.
ولكن يعترض الباحث في الأمثال صعوبات كثيرة منها: أن الأمثال لا يعرف قائلها حتى تستطيع أن تعرف من أي وسط نبعت، هل قالها ريفي أو حضري، وهل قالها سوقي أو أرستقراطي؟ والناس - عادة - يهتمون بقائل الشعر، فكثير من الشعر يمكننا معرفة قائله، أما المثل فلا؛ فقد تقوله عجوز في بيتها أو فلاحة في حقلها، أو صانع في مصنعة، ثم يسير القول في الناس من غير اهتمام بقائله، كما أنه يصعب تحديد تاريخ المثل في أي عصر قيل، وقد يكون هذا هاما جدا لأنا كثيرا ما نجد أمثالا متضاربة فهم يقولون - مثلا - «القرش الأبيض ينفعك في اليوم الأسود» ويقولون: «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» فهذان مثلان متناقضان ينصح أولهما بالتدبير والثاني بالتبذير، فهل نبعا من وسطين مختلفين، أو قيلا في وقتين أو حالتين مختلفين، ومثل قولهم: «ابن الوز عوام»، وقولهم: «باب النجار مخلع»، فبين هذين المثلين شبه تناقض.
صفحة غير معروفة