ذكرت في فصل سابق أن الدكتور شريف عسيران هو رائد الصحة الأكبر في الكاظمية. وها أخوه وزوجة أخيه البيروتية - بركات الله عليهما - من مصابيح الرياضة والتهذيب في النشء العراقي الجديد.
أجل، إن الفضل الأكبر في المهرجان الكشفي، الذي أقيم في بغداد في 21 آذار سنة 1934 واستمر أسبوعا، للاحتفال بذكرى مولد جلالة الملك غازي، والمناداة به كشافا أعظم، إن الفضل الأكبر في تنظيم ذلك المهرجان يعود إلى قائد الكشافة ومدير التربية البدنية عبد الكريم عسيران.
وما كان أجمله من مهرجان، وما كان أمجده! لا أظن أن أحدا من الألوف الذين حضروا العرض في اليوم الأول ينسى روعة ذلك المشهد الوطني الذي تمجدت فيه عصا الكشافة، وتجلت في الخمسة الآلاف كشافا من سائر الألوية روح النهضة العراقية.
ومما أثار إعجاب الناس في ذلك اليوم المشهود تلك الألعاب التي قامت بها، على الألحان الموسيقية، بنات المدارس، ترئسهن معلمة لبنانية. هي ذي طلائع الوطن الجديد، وقد تجلت روحه في الجنسين من النشء العراقي. هي ذي البوتقة التي ستصهر فيها كل الفوارق العنصرية والدينية؛ لتتكون منها القومية العراقية الواحدة. هي ذي الكشافة التي يحق للعراق أن يفاخر بها جميع الأقطار العربية.
وخير ما أختم به هذا الفصل، وهذا الكتاب، كلمة في المثل الوطني الإنساني الأعلى أوصي الكشاف بها.
الكشاف هو من رعى نفسه ليحسن رعاية غيره، وقيدها بنظام ليدرك قيمة النظام، وعودها عمل الخير دون ذكره، وحرية الفكر والقلب مع الشجاعة والصدق فيهما، وكان إلى ذلك ممن يعملون لإقامة العدل في الحكومات، ولتعزيز الحق الإنساني في القوميات، فيرى في وطنه صورة محبوبة لجميع الأوطان، ويرى في قوميته ما يربط الإنسان بالإنسان، فهو الطليعة في نظري، بل هو ركن من أركان الحياة الجديدة المنشودة التي ستشع خيرا وجمالا، وحبا وسلاما في كل مكان.
صفحة غير معروفة