((لن يهلك امرؤ حتى يضيع الرأي عند فعله، ويستبد على قومه بأموره، ويعجب بما ظهر من مروءته ويغتر بقوته والأمر يأتيه من فوقه، وليس للمختال في حسن الثناء نصيب؛ والجهل قوة الخرق، والخرق قوة الغضب، وإلى الله تصير المصائر، ومن اتى مكروها إلى أحد فبنفسه بدأ، إن الهلكة إضاعة الرأي، والاستبداد على العشيرة يجر الجريرة، والعجب بالمروءة دليل على الفسولة (قلة العقل والدناءة)، ومن اغتر بقوته فإن الأمر يأتيه من فوقه. لقاء الأحبة مسلاة للهم. من أسر ما لا ينبغي إعلانه، ولم يعلن للأعداء سريرته، سلم الناس عليه، والعي أن تكلم بفوق ما تسد به حاجته، وأقل الناس راحة الحقود، ومن أتي على يديه غير عامد فاعفه من الملامة، ولا تعاقب على الذنوب إلا بقدر عقوبة الذنب فتكون مذنبا، ومن تعمد الذنب لم تحل الرحمة دون عقوبته، والأدب رفق، والرفق يمن، والخرق شؤم، وخير السخاء ما وافق الحاجة؛ وخير العفو ما كان مع القدرة، ومن سوء الأدب كثرة العتاب، ومن اغتر بقوته وهن، ولا مروءة لغاش، ومن سفه حلمه هان أمره، والأحداث تأتي بغتة، وليس في قدرة القادر حيلة، ولا صواب مع العجب، ولا بقاء مع بغي، ولا تثقن بمن لم تختبره)).
197 - يدعو الله أن يكسر يدا ليجبرها
* أبو بكر بن عبدالله بن أيبك الدواداري في ((كنز الدرر)):
وفيها (أي سنة ثلاثين وسبعمائة) حصل للمقام الشريف (السلطان الناصر بن السلطان قلاوون) ما حصل من التوعك بسبب يده الشريفة وقاها الله المحذورات، وبسطها وإن كانت لم تزل مبسوطة في الخيرات؛ وكان التوعك بهذا السبب مدة سبعة وثلاثين يوما، ولقد بلغ العبد (أي المؤلف) أن المجبر الذي جبر الله الإسلام بصناعته يقال له: ابن أبي ستة، وكان حاله قد تضعضع (أي أصبح في فقر وحاجة) فكان أكثر أوقاته يقول دعائه: يا الله كسرة بجبرة! فلما جبر الله تعالى الإسلام بعافية يد سيد ملوك الأنام، حصل له (للمجبر) من البر والإحسان والإنعام، ما جبر به كسره العام!.
198 - الزنبور والعصفور الأعمى
* ابن كثير في ((البداية والنهاية)):
حكي عن الشيخ الصالح عز الدين عبدالعزيز بن عبدالمنعم بن الصقيل الحراني (594 - 686) أنه قال: كنت مرة بقليوب (من قرى مصر) وبين يدي صبرة قمح، فجاء زنبور فأخذ حبة واحدة ثم ذهب بها، ثم جاء فأخذ أخرى ثم ذهب بها، ثم جاء فأخذ أخرى، أربع مرات، فاتبعته فإذا هو يضع الحبة في فم عصفور أعمى بين تلك الأشجار التي هناك.
199 - قحط البلاد وانهيارها الاقتصادي مطمعة للأعداء
* الحافظ الذهبي في ((العبر)):
وفيها (سنة أربع وخمسين وثلاثمائة) بنى الدمستق نقفور مدينة الروم وسماها ((قيسارية)) وقيل: قيصرية، وسكنها ليغير كل وقت، وجعل أباه بالقسطنطينية، فبعث إليه طرسوس والمصيصة يخضعون له؛ ويسألونه يقبل منهم القطيعة كل سنة، وينفذ إليهم نائبا له، فأجابهم، ثم علم ضعفهم وشدة القحط عليهم، وأن أحدا لا ينجدهم، وأن كل يوم يخرج من طرسوس ثلاثمائة جنازة، فرجع عن الإجابة، وخاف إن تركهم حتى تستقيم أحوالهم أن يتمنعوا عليه، فأحرق الكتاب على رأس الرسول، فاحترقت لحيته، وقال: امض، ما عندي إلا السيف، ثم نازل المصيصة فأخذها بالسيف واستباحها، ثم افتتح طرسوس بالأمان، وجعل جامعها اصطبلا لخيله، وحصن البلد وشحنها بالرجال.
200 - تنزل فيه أربع آيات
* الزركشي في ((البرهان)):
صفحة ٥٤