وما بي من عي ولا أنطق الخنا إذا جمع الأقوام في الخطب محفل وقال الراجز وهو يمتح (¬1) بدلوه:
علقت يا حارث عند الورد (¬2) ... بجابئ (¬3) لا رفل التردي
وهذا كقول بشار الأعمى:
وعي الفعال كعي المقال وفي الصمت عي كعي الكلم
18 - كلب الله!
* أبو المنصور الثعالبي في ((ثمار القلوب)):
قال الجاحظ: يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعتيبة ابن أبي لهب: ((أكلك كلب الله)) فأكله الأسد، وفي هذا الخبر فائدتان: إحداهما أنه ثبت بذلك أن الأسد كلب الله، والثانية أن الله تعالى لا يضاف إليه إلا العظيم من جميع الأشياء من الخير والشر، أما الخير فقولهم ((بيت الله)) و((زوار الله)) و((كتاب الله)) و((أرض الله)) و((خليل الله)) و((روح الله)) وأشباه ذلك. وأما الشر فكقولهم: دعه في لعنة الله تعالى وسخطه وأليم عذابه، ودعه في نار الله وسقره.
19 - نهر الله!
* وفيه أيضا:
من أمثال العامة والخاصة: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، وإذا جاء نهر الله بطل نهر عيسى، ونهر معقل بالبصرة، ونهر عيسى ببغداد، وعليهما أكثر الضياع الفاخرة، والبساتين النزهة ببغداد و(البصرة) وإنما يريدون: نهر الله البحر والمطر والسيل فإنها تغلب سائر المياه والأنهار وتطم عليها، ولا أعرف نهرا مخصوصا بهذه الإضافة سواهما. ومما يجري مجرى المثل المذكور قول الشاعر:
إذا جاء موسى وألقى العصا فقد بطل السحر والساحر
20 - أخشن من مضغ الحديد!
* الصفدي في ((الوافي بالوفيات)) في ترجمة ((محمد بن إبراهيم بن عمران القفصي المغربي)):
ذكره ابن رشيق أيضا فقال: شاعر متقدم، علامة بغريب اللغة؛ قادر على التطويل يضع القصيدة تبلغ المائة وأكثر في ليلتها ويحفظها فلا يشذ عنه منها شيء، ويسرد أكثر مسائل كتاب ((العين)) للخليل بن أحمد، أورد له قوله:
ومن غير الأيام أني شاعر أديب بسربال الخمول مسربل
أروم على إكداء حالي تجملا وأخشن من مضغ الحديد التجمل
21 - صدقات في عيد الفطر
* وفيه أيضا في ترجمة ((صدر الدين لقنائي)) (توفي سنة 672 ه):
وكان كثير الصدقة، وكانت له معصرة يرسل غلمانه يجعلون في دهليز كل بيت من الفقراء قادوس محلب وطن قصب في ليلة عيد الفطر.
22 - لغويات ..
* الأنباري في ((كتاب الأضداد)):
و((الند)) يقع على معنيين متضادين، يقال: فلان ند فلان إذا كان ضده، وفلان نده إذا كان مثله، وفسر الناس قول الله جل وعز: (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) على جهتين:
قال الكلبي: عن أبي صالح عن ابن عباس: معناه فلا تجعلوا لله أعدالا، فالأعدال جمع عدل، والعدل: الكثل.
وقال أبو العباس عن الأثرم عن أبي عبيدة: ((فلا تجعلوا لله أندادا)) أضدادا! ويقال: فلان ندي، ونديدي، ونديدتي، فالثلاث لغات بمعنى واحد.
قال حسان لأبي سفيان بن الحارث:
أتهجوه ولست له بند؟ فشركما لخيركما الفداء
وقال لبيد:
أحمد الله فلا ند له بيديه الخير ما شاء فعل
وقال الىخر:
أتيما تجعلون إلى ندا وما تيم لذي حسب نديد
وقال لبيد في إدخال الهاء:
لكي لا يكون السندري (¬4) نديدتي وأشتم أقواما عموما عماعما
العماعم: الجماعات، ويروى: ((وعما عماعما)) فالعم الرجال البالغون، ويستعمل في غير الرجال أيضا. اشترى بعض الشعراء نخلا، بعضه بالغ وبعضه غير بالغ، فعذل في ذلك فقال:
فعم لعمكم نافع وطفل لطفلكم يؤمل
أراد: فالبالغ من النخل ينفع الرجال البالغين، والذي ليس ببالغ ينفع الأطفال ويؤمل بلوغه لهم.
وإنما دخلت الهاء في ((نديدة)) للمبالغة، كما قالوا: رجل علامة ونسابة، وجاءني كريمة القوم، يراد به: البالغ في الكرم، المشبه بالداهية. ويقولون في الذم: رجل هلباجة، إذا كان أحمق فيشبهونه بالبهيمة.
ويقال في تثنية الند: ندان، وفي جمعه: أنداد، ومن العرب من لا يثنيه ولا يجمعه ولا يؤنثه، فيقول: الرجلان ندي، والرجل ندي، والمرأة ندي، والنساء ندي؛ كما قالوا: القوم مثلي، والقوم أمثالي؛ قال الله عز وجل: (ثم لا يكونوا أمثالكم) وقال تبارك وتعالى في موضع آخر: (إنكم إذا مثلهم).
ومجرى ((ند)) إذا وحد مجرى قولهم: رجل كرم، ورجال كرم، ومنزل حمد، ودار حمد، أي محمودة، ورجال شرط وقزم، إذا كانوا سقاطا لا أقدار لهم.
قال الأموي:
تمنيتم قومكم فخرا بأمكم أم لعمري حصان (¬5) برة كرم
هي التي لا يوازي فضلها أحد وبنت النبي وخير الناس قد علموا
وأنشدنا أبو العباس:
سقى الله نجدا من ربيع وصيف وماذا ترجي من سحاب سقى نجدا
بلى إنه قد كان للعيش مره وللبيض والفتيان منزلة حمدا
وقال الكميت:
وجدت الناس غير ابني نزار ولم أذممهم شرطا ودونا
السكيت:
صفحة ١٥