جوهر الصقلي
قائد الجيش الفاطمي الذي فتح مصر قادما من الغرب، وربما كان هذا هو الحدث الوحيد في تاريخ مصر أن يأتيها الغزو من الغرب. فكل الغزوات السابقة كانت عبر سيناء من الشرق، والقليل منها عبر البحر المتوسط وبخاصة الرومان.
31
لم يكن اختيار جوهر لمكان العاصمة الجديدة لمصر الفاطمية من فراغ، وربما وجدنا أسبابا عديدة عند تحليل أفضليات الاختيارات لمكان المدينة الجديدة. وبعض الاختيارات هي على النحو الآتي، عارفين من البداية أن أيا منها لم يكن وحده سببا مباشرا بل مجموعة من الأسباب مجتمعة شكلت دوافع اختيار أنسب المواقع بالنسبة إلى ظروف ذلك العصر في الحركة والاتصال والإستراتيجية والتحكم الإقليمي. (1)
الرغبة في ابتعاد العاصمة الجديدة عن زحمة الفسطاط. (2)
أن يبعد العاصمة بمذهبها الشيعي عن غالبية أتباع المذهب السني في الفسطاط. (3)
الوادي جنوب الفسطاط ضيق تكتنفه تلال من جبال طرة إلى الجيوشي والمقطم؛ مما يصعب الاتصال بالطريق المنفتح على الشمال، لكن لها ميزة الإشراف على النيل وضمان مصدر مياه مباشر. كما أنه إلى جنوب الفسطاط مباشرة كانت توجد بركة الحبش التي تمتلئ بالمياه على مسطح كبير إذا كان الفيضان عاليا، وهو في حد ذاته مانع للحركة البرية من مثل هذا الموقع الجنوبي إلى الشمال فترة من السنة. (4)
المنطقة شمالي القطائع كانت سهلا رمليا بين مسار الخليج المصري وتلال نهايات المقطم والجبل الأحمر؛ مما يسهل بناء المدينة دون عناء. (5)
وقد كانت هذه المنطقة معمورة بعض الشيء؛ ففيها دير العظام القديم - محله جامع الأقمر الفاطمي - وقلعة صغيرة أو حصن يحمي الطريق المؤدي من بلبيس والحوف الشرقي إلى القطائع والفسطاط، فضلا عن وجود عدة بساتين عامرة أشهرها بستان كافور الذي سبق ذكره. ولا شك في أن وجود الخليج هنا كان عاملا حاسما في أفضلية المكان باعتباره مصدرا دائما للمياه. (6)
وأخيرا، لأن سابق انتقال العواصم من الفسطاط شمالا إلى العسكر والقطائع كانت كأنها خطة مرسومة، أصبحت تقليدا متبعا في إنشاء عواصم جديدة في اتجاه الشمال، فاتبعها جوهر.
صفحة غير معروفة