سأل الرجل المتورد الصغير البنية، الذي اعتاد كثيرا على تلك المساحة الخاوية وأصبح غير مدرك لوجودها منذ مدة طويلة: «عندما حدث ماذا؟» ثم تابع قائلا: «أوه، الحادثة؟ لا، كنت أقضي مرحلة التجنيد بالخارج. في ووردن.»
قال روبرت إنه يقصد هل كان يزاول تجارته هنا في ذلك الوقت.
أوه، أجل؛ أجل بالطبع كان يزاول تجارته هنا حينها، ومدة طويلة قبلها. لقد تربى في منطقة مجاورة، ثم ورث التجارة عن والده. «ستعرف أفرادا محليين بدرجة كبيرة، إذن. هل تتذكر الزوجين اللذين كانا يعملان في حراسة المبنى السكني؟» «أسرة كين؟ بالطبع أعرفهما. كيف لي ألا أتذكرهما؟ كانا يترددان جيئة وذهابا على هذا المكان طوال اليوم. هو لجرائده في الصباح، أما هي فلسجائرها بعد مدة قصيرة، ثم يعود هو لجرائده في المساء وهي تعود للمرة الثالثة على الأرجح من أجل سجائرها، ثم اعتدت أنا وهو أن نشرب البيرة في حانة قريبة عندما يكون ابني قد انتهى من دروسه ويتولى العمل بدلا مني هنا. أتعرفهما يا سيدي؟» «لا. لكني قابلت شخصا ما منذ أيام قلائل قد تحدث عنهما. كيف دمر المكان بأكمله؟»
شفط الرجل المتورد الهواء من بين أسنانه ليصدر صوتا مزدريا. «مبنى ضعيف. ذلك كل ما في الأمر. ليس إلا مبنى ضعيفا. سقطت القنبلة في المنطقة هناك - هكذا قتل زوجا أسرة كين - كانا في غرفتهما في الطابق السفلي يشعران بالأمان بعض الشيء - وانهار المبنى بأكمله مثله كمثل بيت من الورق. إنه أمر صادم.» أخذ يرتب حافة كومة الجرائد المسائية. ثم قال: «كان من سوء حظها تماما أن تلك الليلة كانت هي الليلة الوحيدة التي قضتها بالمنزل مع زوجها خلال أسابيع، وكان مقدرا للقنبلة أن تسقط.» بدا أنه وجد متعة ساخرة في الفكرة.
سأل روبرت: «أين كانت تذهب عادة ، إذن؟ هل كانت تعمل في مكان ما في المساء؟»
قال الرجل الصغير البنية، باحتقار بالغ: «تعمل! هي!» ثم تذكر قائلا: «أعتذر إليك، صدقا. نسيت لوهلة أنهما ربما كانا أصدقاء ل...»
أسرع روبرت في التأكيد له بأن اهتمامه بأسرة كين كان اهتماما عابرا. كان شخص ما قد تذكرهما بصفتهما حارسين لمبنى سكني، ذلك كل ما في الأمر. إن لم تكن السيدة كين تخرج للعمل في المساء، فماذا كانت تفعل بالخارج؟ «تقضي وقتا ممتعا، بالتأكيد. أوه، أجل، تمكن الناس من قضاء وقت ممتع حتى آنذاك - إذا أرادوا ذلك بالدرجة الكافية وتطلعوا إليه بجد بما يكفي. كين، أراد لها أن ترحل إلى الريف مع صغيرتهما، لكن هل كانت ستفعل ذلك؟ ليست هي من يفعل ذلك! قالت إن ثلاثة أيام في الريف كانت ستقتلها. ولم تذهب كذلك لرؤية الصغيرة عندما قاموا بإجلائها. السلطات، هي من فعلت ذلك. مع باقي الأطفال. في رأيي أنه كان يسعدها أن تتخلص من الطفلة حتى تتمكن من الذهاب إلى حفلات الرقص في الليل.» «مع من كانت ترقص؟»
قال الرجل الصغير البنية باقتضاب: «الضباط.» ثم قال في عجالة: «كان ذلك شيئا مثيرا حقا. لا أقول إن هناك ضررا في ذلك، تذكر هذا.» ثم تابع قائلا: «إنها ميتة، ولا أود أن ألصق بها شيئا وهي ليست هنا حتى تبرئ نفسها منه، إذا كنت تفهم قصدي. لكنها كانت أما سيئة وزوجة سيئة، هذا ما في الأمر ولم يسبق لأحد أن قال أي شيء خلاف ذلك.»
سأل روبرت، مفكرا في المشاعر النبيلة التي كان قد أهدرها على والدة بيتي: «أكانت جميلة؟» «وهي بوجه متجهم، أجل. كانت دائمة الغضب نوعا ما. مما يجعلك تتساءل كيف ربما ستبدو وهي مبتسمة. أقصد وهي مبتهجة؛ وليست ثملة. لم أرها ثملة قط. لم تحصل على بهجتها بتلك الطريقة.» «وزوجها؟» «حسنا، كان في حال لا بأس به، اسمه كان بيرت كين. كان يستحق حظا أفضل من تلك السيدة. كان بيرت واحدا من أفضل الناس. كان شديد الولع بالفتاة الصغيرة . دللها، بكل تأكيد. لم يكن عليها سوى أن تريد الشيء فيشتريه لها، لكنها كانت طفلة لطيفة، رغم كل ذلك. بريئة. متصنعة البراءة. أجل، استحق بيرت الأفضل من الحياة، أكثر من زوجة محبة للمتعة وطفلة تحب من أجل المصلحة. كان واحدا من أفضل الناس، كان بيرت ...» ألقى نظرة متأملة على الطريق عند المساحة الخاوية. ثم قال: «استغرق الأمر منهم أغلب أيام الأسبوع حتى يعثروا عليه.»
دفع روبرت ثمن سجائره ثم خرج إلى الشارع حزينا ومرتاحا في الآن نفسه. حزينا من أجل بيرت كين، الذي كان قد استحق الأفضل؛ لكنه سعيد أن والدة بيتي كين لم تكن هي السيدة التي كان قد تخيلها. طوال الطريق إلى لندن كان يشعر بالحزن على تلك السيدة الراحلة؛ السيدة التي قد كسرت قلبها لمصلحة طفلتها. وقد بدا له أنه شاق على النفس أن الطفلة التي أحبتها حبا جما من المفترض أنها بيتي كين. لكنه تخلص الآن من ذلك الحزن. فوالدة بيتي كين كانت تحديدا هي الأم التي سيختارها لها لو كان القدر بيديه. ومن جانبها بدت تشبه أمها إلى حد كبير. «طفلة محبة من أجل المصلحة.» حسنا، حسنا. وما الذي كانت السيدة وين قد قالته؟ «بكت لأن الطعام لم يعجبها، ولا أتذكر أنها بكت من أجل والدتها.»
صفحة غير معروفة