وعلى أي حال، فما نسبه بعض (1) إلى صاحب المسالك، من دعواه الاجماع في المقام على اعتبار كون القاضي مجتهدا مطلقا، محل نظر يظهر لمن لاحظ عبارة المسالك، كما أن ما فهمه صاحب المسالك من قول المحقق في الشرائع: ولا بد أن يكون عارفا بجميع ما وليه (2)، من اعتبار الاجتهاد المطلق في القاضي (3)، أيضا محل تأمل، ولذا عبر بهذه العبارة المصنف في القواعد (4) والتحرير (5) مع قوله بالتجزي، مع أن المعرفة الفعلية بجميع المسائل غير ميسر غالبا، وإرادة العلم بالقوة، لعله خلاف الظاهر.
وحينئذ، فلا يبعد أن يكون المراد: اعتبار معرفته فعلا بجميع ما وليه من المنصب، ويكون معرفته بحسب ولايته من حيث العموم والخصوص، ولا يقصر علمه عن ذلك، فإنه قد يولى أمرا خاصا كأمر الديون أو المواريث، وقد يولى جميع الأمور في خصوص بلدة أو قرية معينة، أو مطلقا. وحينئذ فلا يبعد استظهار صحة التجزي من هذا الكلام، مع اعتبار المعرفة الفعلية، وعدم كفاية القوة.
ثم هل يمضي حكم المتجزي مطلقا، أو يشترط عدم التمكن من المطلق؟ لا اشكال في الأول لو قلنا بعدم تعين الأعلم، ولو قلنا بتعينه فوجهان:
صفحة ٣٢