وحكم العقل بترجيح إحدى أقوى الأمارتين، وإن حصلت القوة بعد الأخذ بأحدهما.
بقي هنا شئ، وهو أن الظاهر أدلة المختار وجوب ترجيح الأعلم مع الاختلاف في الفتوى دون ما إذا اتفقا، فيجوز الترافع إلى غير الأعلم مع وجود الأعلم إذا كان فصل المنازعة لا يحتاج إلى الفتوى في مسألة خلافية كما إذا كان المدعي ممتازا عن المدعى عليه وكان للمدعي بينة عادلة بعدالة الملكة (1)، فإن الحكم هنا لا يحتاج إلى أعمال مسألة خلافية، فالأقوى عدم وجوب الرجوع إلى الأعلم هنا ، وإن كان علم المترافعين بذلك في أول الأمر نادرا.
ومما ذكرنا ظهر عدم تعين الأعلم في مناصب الحاكم مثل الولاية على الأيتام وأموال الغيب إذا لم يكن هنا مسألة اختلف فيها الأعلم وغيره، وكذلك قبض مال الإمام عليه السلام إذا كان مذهبهما متحدا في المصرف، وكذلك تولي الأوقاف، ونحو ذلك.
(و) اعلم أنه ذكر المصنف وغيره (2) أنه (لا ينفذ حكم من لا تقبل شهادته) على المحكوم (كالولد على والده، والعبد على مولاه، والخصم على عدوه)، لأن مناط عدم قبول الشهادة على هؤلاء موجود في الحكم عليهم على وجه آكد. وفي الاعتماد على مثل هذا الوجه اشكال، خصوصا بعد عموم أدلة نصب الفقهاء وكونهم حجة على الخلق شبه حجية الإمام عليه السلام.
صفحة ٥٨