عليكم حكما ".
وكذا، المتبادر من لفظ " القاضي " عرفا: من يرجع إليه وينفذ حكمه وإلزامه في جميع الحوادث الشرعية كما هو معلوم من حال القضاة، سيما الموجودين في أعصار الأئمة عليهم السلام من قضاة الجور.
ومنه يظهر كون الفقيه مرجعا في الأمور العامة، مثل الموقوفات وأموال اليتامى والمجانين والغيب، لأن هذا كله من وظيفة القاضي عرفا.
وأما التوقيع الرفيع، فصدره وإن كان مختصا بالأحكام الشرعية الكلية، من حيث تعلق حكم الرجوع إلى رواة الحديث، فدل على كون الرجوع إليه فيما لرواية الحديث مدخل فيه، إلا أن قوله عجل الله تعالى فرجه في التعليل: " إنهم حجتي عليكم " يدل على وجوب العمل بجميع ما يلزمون ويحكمون، فكما أنه لو حكم بكون شخص سارقا بعلمه أو بالبينة وجب قطع يده والحكم بفسقه، فكذلك إذا قال: اليوم عيد أو أول الشهر، أو قال:
إن الشخص الفلاني حكمت بفسقه أو بعدالته.
وإن شئت تقريب الاستدلال بالتوقيع وبالمقبولة بوجه أوضح، فنقول:
لا نزاع في نفوذ حكم الحاكم في الموضوعات الخاصة إذا كانت محلا للتخاصم، فحينئذ نقول: إن تعليل الإمام عليه السلام وجوب الرضى بحكومته في الخصومات بجعله حاكما على الاطلاق وحجة كذلك، يدل على أن حكمه في الخصومات والوقائع من فروع حكومته المطلقة وحجيته العامة، فلا يختص بصورة التخاصم، وكذا الكلام في المشهورة إذا حملنا القاضي فيها على المعنى اللغوي المرادف لفظ " الحاكم ". وسيجئ تمام الكلام في مدلول هذه الروايات وفي كيفية نصب الفقهاء، وأنه هل هو من قبيل الإذن والاستنابة، أو أنه يشبه إنشاء الحكم الشرعي - مثل الحكم بوجوب العمل بقول البينة،
صفحة ٤٩